![]() |
رسالة إلى محمد حسنين هيكل |
القافلة تسير والكلب ينبح
في بداية الثمانينات كتب الصحفي المصري محمد
حسنين هيكل في احدى الصحف, أن وضع العرب المزري ـ كما قال ـ من أسبابه أن شعوبا
غير عربية أدخلوها جامعتهم مثل موريتانيا والصومال.. ومنذ أسابيع أيام انعقاد قمة
عمان كتب في احدى الصحف النفطية "وجهات نظر" أن خير علاج للمرض العربي
ولجامعتهم هو طرد موريتانيا والصومال وجزر القمر من الجامعة العربية لأنهم غير عرب
ولا تتوفر فيهم شروط دخول الجامعة, مثل التكلم بالعربية, الاتصال الجغرافي
بالخريطة العربية .. وانما دخلوها طمعا في أموال العرب...!!
وبعد هذه الفاتحة نريد أن يعرف الرأي العام
الوطني والعربي: من هوهيكل؟ ومن هو الشعب الموريتاني؟.. ولماذا موريتانيا
والصومال.. فقط, ولمصلحة من تقطيع أوصال العرب؟ وأيهما أفضل وضع العرب مع هيكل
وقبل موريتانيا, أم بعد هيكل ومع موريتانيا؟ وأي ثأر بين هيكل وموريتانيا؟
من يكون هيكل؟
في الخمسينات والستينات ظهر القائد جمال عبد
الناصر فكان ملئ سمع الدنيا وبصرها, وكانت فترته الفترة المضيئة من تاريخ العرب
الحديث, كما كانت أضواءها كاشفة, (وكل ضوء سطع في الظلام تتساقط حوله الخفافيش),
فكشف عن مغمورين كثيرين من بينهم حسنين هيكل.
ووسط هيجان عواطف والتهاب مشاعر الجماهير
العربية والتفافها حول عبد الناصر, وشعارات الثورة والقومية العربية والوحدة
العربية... برز هيكل, بما أوتي من قدرة على استغلال المواقف بالتزييف والمغالطة
وتملق مشاعر وعواطف الجماهير للفت الانتباه إليه وتكبير صورته.. وقد كانت براعته
مذهلة في الـمَلق و التزلف وإخفاء وقلب الحقائق لعبد الناصر, فنجح في
كسب ود وثقة "معبود الجماهير" فحمل على الأعناق وأصبح فوق الشبهات
والنقد لأنه صار كالظل لعبد الناصر وتمكن من الهيمنة على مؤسسة
"الأهرام" ذات الوزن السياسي والإعلامي المتميز يومها, فاحتكر لنفسه
ملحقا أسبوعيا يكتب فيه كل يوم جمعة تحت عنوان "بصراحة" ما يرضي عواطف
الجماهير من المدح والتنويه بثورة ومبادئ وأهداف عبد الناصر "الذي أطعمهم من
جوع وأمنهم من خوف", وكان هذا الملحق ـ في جوهره ـ منبرا اتخذه هيكل للترويج
لـ "هيكل" وعلاقته بعبد الناصر وثقته به ولخبرته السياسية, وثقافته
الواسعة.. وعلاقاته وصلاته المباشرة بمختلف عظماء العالم من ملوك ورؤساء وساسة
ومفكرين.. الخ. وكأن هيكل نـِد للجميع ومبرز على الجميع.. ويكفيك أن تقرأ أحاديث
هيكل الأسبوعية لتشعر وكأنك في ناد لعظماء العالم فتضيق ذرعا بعبارات مثل (قال لي
جمال.. أو الرئيس .. أوالملك.. أوفلان.. وقلت له.. وسألني.. وسألته.. وأضحكني..
وأضحكته.. وكتب لي وكتبت له.. واستدعاني للعشاء في جناحه... وجلست بجانبه في
الطائرة) وهكذا.. وهكذا..
إن هذا الهيكل الذي كبرت صورته أضواء عبد
الناصر وبراعته هو في الكذب والادعاء والمغالطة والتملق وتزييف الشعارات واللعب
على عواطف الجماهير البسطاء البرءاء... توهم أن الناس أصبحوا يعتبرونه احد أهرامات
مصر.
فقد نجح كما نجح عامر وأحمد سعيد في تضليل عبد
الناصر وقلب الحقائق له.. حتى كانت كارثة السادس من يونيو 1967. ولما فاق عبد
الناصر من هول الصدمة التي هزته وهزت كل العرب, عرف كم كان مضللا ومفشوشا من
بطانته ومقربيه, فأسرع إلى تمحيصهم ومحاسبتهم وكشفهم للجماهير واحدا واحدا.. وكان
"الأشرار" يتفاوتون في إخفاء أنفسهم وأدوارهم في أسباب المأساة, فاكتشف
بعضهم ووفاه جزاءه واستمر في تتبع واستئصال الباقين والكشف عن أساليبهم في التضليل
وقلب الحقائق.. ولكن الأجل عاجله قبل أن يكمل خطته ويصل بحبل المشنقة الى رقبة
هيكل. غير أن الجماهير كانت أسرع في إصدار الأحكام قبل عبد الناصر.. فحكمت على
هيكل وأمثاله, ولا معقب لحكم الجماهير, ولو أن التنفيذ كان بيدها لأراحت منه
البلاد والعباد.
ولما مات عبد الناصر ولم يكتشف هيكل, اعتقد
انه نجا وأن البحث قد توقف فلجأ الى وسائله المعهودة: التضليل, المغالطة,الكذب,
والادعاء.. ليوهم الناس ـ ومنهم الرئيس السادات ـ أنه هو نفسه كان مصدر الضوء الذي
ظل يتلألأ من حوله وليس عبد الناصر, وتوقع من السادات أن ينزله منزل القرب
والثقة.. كما كان عبد الناصر, لكن تضليل ومغالطة السادات كانت أصعب, ولعله تذكر
نصيحة المتنبي لسيف الدولة:
أعيذها نظرات منك صادقــــة أن لا تحسب الشحم فيمن شحمهم ورم
فلم يعامله كما توقع وأراد
فابتلع غيظه وتوارى خوفا وجبنا من مواجهة السادات, كما فعل آخرون.
ولما مات السادات, وقد أصبح عبد الناصر
ومبادئه وفترة حكمه عرضة للمراجعة والنقد والتقويم, أخذ هيكل يؤلف الكتب في تشويه
تاريخ السادات والتنويه بعبد الناصر والتعريض لأخطائه ونقده أحيانا. ثم أصدر كتابه
"لمصر..
لا لعبد الناصر"
الذي يدعي فيه أنه لم يكن متفقا مع عبد الناصر في بعض آرائه وقراراته ولم يكن يعمل
لارضائه بل كان يعمل لمصلحة مصر..!! وأخذ يتقرب بجبن وحذر من الرئيس مبارك, ولكن
أحدا لم يعبئ به لأن حكم التاريخ والجماهير أقوى من موت السادات وعظمة عبد الناصر,
وأساليب هيكل في المغالطة والادعاء. وعندئذ لم يبقى أمامه إلا الترنح والتيه
والعيش على ذكريات "قال لي.. وقلت له.." والتطفل من حين إلى آخر على الصحف
التي تبحث عما تملأ به أعمدتها فيكتب عن العرب والقومية العربية والوحدة العربية..
وكأنه في الخمسينات والستينات.. أيام أحمد سعيد و "صوت العرب" ومحمد
حسنين هيكل
و"الأهرام" و "بصراحة",
يوم كان صاحب القلم المتسلط والصوت المدوي في فضاء العرب تحت مظلة عبد الناصر..
ولكن هيهات, يا سيدي هيكل, فذلك زمن ولى, وقد ذهب الزبد جفاء, ونحن الآن في القرن
الواحد والعشرين.
لقد ذهب عبد الناصر بعظمته وبقيت أنت وأمثالك
وصمة عار في تاريخه وسببا في مأساة 67 التي ذهب ضحيتها, وقد حكمت الجماهير
والتاريخ حكمهما عليكم, فمنكم من قضى نحبه مسجى باللعنات العربية, ومنكم من مازال
ينبح ويحمل على كتفيه الخزي والعار.. "ان الكلاب طويلة
الأعمار".
صحيح ياهيكل أنك صحبت عبد الناصر سنين طويلة,
بل انك كنت أقرب إليه من "شـسـع" نعله, لكن المثل الإفريقي
يقول "إن الخشبة مهما مكثت في قاع النهر لن تكون سمكة.. والحمار
مهما صاحب الجياد في الحقل لن يكون بغلا".. والشاعر يقول:
اذا كانت الطباع طباع ســوء فليس بنافع فيها الأديـــب
وهذا هو حسنين هيكل كما
هو في سجل تاريخ العرب.
الشعب الموريتاني
إن الشعب الموريتاني غني عن التعريف فتاريخه
مشرق وضاء لا زيف فيه ولا نقمة ولا كراهية.. ومن تجاهله ولم يعرف له الفضل فهو
جاهل أو مريض بالحقد والكراهية.
ومن يكن ذا فم مر مـريض يجد مرا به الماء الــزلالا
فإذا كنت يا هيكل لا تعلم ـ ويبدو أنك لا تعلم
ـ فاسأل أهل الذكر.. اسأل العلماء والأدباء والمؤرخين العرب والمصريين, واسأل
علماء الأزهرعن بلاد شنقيط.. اسألهم عن محمد محمود بن اتلاميد, وعن أحمد بن الأمين,
وعن محمد حبيب الله بن مايابه, وعن محمد الأمين (آبـه) بن اخطور, اسألهم عن هؤلاء
وغيرهم وهم كثر.. واسألهم أين درسوا وحصلوا علومهم؟ واسألهم عما في المكتبات
العربية والمصرية من مؤلفات الشناقطة في مختلف العلوم.. ثم اسأل الذين زاروا
موريتانيا الحديثة ممن عصمهم الله من داء الحقد والكراهية, اسأل محي الدين صابر,
المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, الذي زار موريتانيا فكتب
" كانت
صورة الشناقطة وما تزال في البلاد العربية أنهم الممثلون الأوفياء للثقافة العربية
الإسلامية في نقائها وأصالتها وأنهم سدنتها في قاصية بلاد العرب والمسلمين
المرابطون في ثغورها حفاظا عليها ونشرا لها وإشعاعا بها".. يا سيدي هيكل
هذا هو الشعب الموريتاني.
وليس قولك هذا بضائـــــره فالعرب تعرف من أنكرت والعجم
أما عروبة هذا الشعب فلا تحتاج الى دليل (الا
اذا احتاج النهار الى دليل), بل هي كما قال شاعرهم قبل أن يولد هيكل وجامعته:
إن لم تقم بيانات أننا عــــرب ففي اللسان بيان أنّنا عــــرب
وأدعوك يا هيكل لزيارة الشعب الموريتاني لتعلم,
رغم الحقد والكراهية, أنه عربي الوجه واليد واللسان.. هذا عن انتمائه اللغوي
والثقافي.
أما انتماؤه الجغرافي والتاريخي, فان أطفال
المدرسة الابتدائية عندنا, يا هيكل, يعرفون جيدا خريطة الوطن العربي كله وتاريخ كل
دولة وتاريخ تواجد العرب فيها.. وهم يعرفون بالطبع تاريخ بلدهم وموقعه وحدوده المتداخلة
مع أكثر من دولة عربية, إلى حد أن الكثير من العائلات والقبائل موزعة بين المغرب
والجزائر, ولا يفصل بين أجزائها إلا حدود مصطنعة. فما كنت أصدق يا هيكل أنك أضعف
في مادة التاريخ والجغرافيا من أطفال المدارس الابتدائية.. فماذا دهاك؟ هل أنستك
سهراتك وأسمارك ولقاءاتك.. مع العظماء في العالم مقررات المدرسة الابتدائية في
الجغرافيا وتاريخ الأمة التي تدعي أنك أفنيت عمرك في النضال من أجل
مجدها ومازلت تجند قلمك ولسانك, رغم الشيخوعة والخرف, لتقطيع أوصالها, أم هو
الكراهية والانتقام من العرب لأنهم رموك في مزبلة التاريخ؟
أما كون موريتانيا دخلت الجامعة العربية طمعا
في مال أهل المال من العرب, وكأن مال العرب محفوظ ليطمع فيه من انتمى الى جامعة
العرب..!! ياهيكل ألا يتناقض هذا الرأي مع معزوفاتك المشؤومة وأقوالك أيام كان
صوتك يدوي وقلمك مسلط على أهل المال من العرب؟ وأذكرك, فحسب, بأحد أقولك المأثورة
يومها: "ان
الله أعطى المال للعرب فأعطاه العرب لغير العرب", فهل تغير رأيك
وقلمك في أصحاب المال ولماذا..؟
وعلى كل حال فلن أخوض معك في هذا الموضوع لئلا
أجرح غرورك أكثر, وانما أؤكد لك فقط أن الموريتانيين قد تنقصهم الثروات بل قد
يكونوا فقراء, ولكن لم ولن تنقصهم الشهامة والقناعة والعزوف عما هو في أيدي الناس,
فهم كما قال الشاعر العراقي عن قومه:
قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهـــم لكنهم في جفان الغير ما أكلـــوا
وهم مؤمنون بما قال مسكين
الدارمي
رب مهزول سمين عرضــه وسمين الجسم مهزول الحسـب
أكسبته القرون البيض أبـــا ولقد كان ولا يدعى لأبـــــ
لماذا موريتانيا
والصومال... فقط؟
يا سيدي هيكل, لماذا لا يكون لديك ريب أوشك في
تحول الشعب المصري والشعب السوري والشعب العراقي مثلا الى شعوب عربية, والتاريخ
يثبت أن هذه الشعوب عريقة في الحضارة والتاريخ أكثر من العرب, وتاريخ دخول
الفاتحين العرب لها معروف وقريب نسبيا..؟ ولماذا بالمقابل تقطع بعدم تحول الشعب
الصومالي والجيبوتي, مثل, إلى شعوب عربية أولم يكونوا عربا أصلا؟ ألأنهم أو بعضهم
لونهم السمرة أو السواد؟ ألم تسمع قول مسكين الدارمي وهو يعتز وبفتخر بعروبته:
أنا مسكين لمن يعرفنــي لوني السمرة ألوان العرب
ألم تقرأ في رسائل الجاحظ "فخر السودان
على البيظان" (بظاء مشالة معجمة), ويعني بالسودان العرب و"البيظان"
الفرس؟ ألم تعلم أن البياض لم يكن لون العرب الأوائل وإنما ناله منهم من ناله لما
اختلطوا بالشعوب البيضاء. ثم ألم تقرأ كتاب "عروبيات" وهو أحد سلسة
"اقرأ" التي كانت تصدرها
"دار المعارف" المصرية في الستينيات, وقد طبع في القاهر سنة 65 وموضوعه
البحث عن أصل العرب ومن أي القارات جاؤوا, وقد أثبت بالبراهين العلمية أن العرب
جاؤوا من إفريقيا ومنها دخلوا آسيا بل انطلقوا مما يعرف اليوم بموريتانيا.. ألم
تقرأ هذا الكتاب وقد صدر أيام كنت تزعم أنك حامل لواء القومية العربية وجامع شمل
العرب..! أم أنك قرأته ولم تعترض عليه إلا بعد أن طردك العرب ورموك في المزبلة؟ ثم
متى أصبحت هوية الشعوب وانتماؤها الحضاري بطاقة يهديها أو لا يهديها هيكل أو
الجامعة العربية.
لقد كانت جيهان السادات على حق عندما قيل لها
في برنامج "شاهد على العصر" بقناة الجزيرة, بأن هيكل قال كذا..
وكذا... عن السادات فضحكت وردت بسخرية "إن هيكل يقول ما يشاء" أي أن أقوال هيكل
هذيان وخرف لا يستحق الرد.
ثم لمصلحة من تعمل ياهيكل لتقطيع أوصال العرب
وتشتيت شملهم وتقليل عددهم ونقص رقعة أرضهم وتخفيف وزنهم.. في الوقت الذي تسعى فيه
كل أمة الى توسيع رقعتها ولم شملها وزيادة عددها؟ من سيستفيد من هذه العملية؟ قل
بربك وبصراحتك؟
والحق يا سيدي, أنك تحتاج ـ إذا كان في العمر
بقية ـ للرجوع الى المدرسة الابتدائية لتقرأ مادة التاريخ والجغرافيا وأنك بحاجة
أكثر وأقولها ـ بصراحة ـ الى زيارة عيادات الأمراض العقلية وأمراض الخرف
والشيخوخة, ونحن نسدد فاتورة العلاج لأننا اكتشفنا النفط.. فلتنظر الينا نظرة
جديدة بل ندعوك للإقامة بيننا...!!
العرب مع هيكل وبعد هيكل
يا سيدي هيكل, نحن جميعا مستاؤون ومرضى من
واقع العرب ووضعهم اليوم الى حد أن الكثير منا يتمنى أن لو كان غير عربي, وغم هذا
وللأمانة والتاريخ, ينبغي أن نتوقف لنجري مقارنة موضوعية بين وضع العرب عندما كان
هيكل يصيح ويصول ويجول في السياسة العربية وأحد ربابنتها و موريتانيا بعيدة عن
العرب وجامعتهم, وبين وضعهم اليوم وقد أصبح هيكل نسيا منسيا لا صوت له ولا شأن
والعلم الموريتاني يرفرف في كل عاصمة عربية وفوق مبنى جامعتهم.
لنقل الحقيقة ـ شهادة لله والتاريخ ـ كيف وأين
تركت سيناء عندما طردوك؟ ألم تتركها والعلم الصهيوني يدنس سماءها ..؟ واليوم وأنت
منبوذ ألم تعد سيناء للسيادة المصرية ولم تبقى منها حصاة واحدة؟ ألم يهزم العرب شر
هزيمة عام 67 وأنت وأحمد سعيد تصولان وتجولان في السياسة العربية؟ ألم يذق
المصريون والعرب طعم الانتصار ودك الجيش العربي جدار برليف 1973 وأنت منبوذ تأكل
"الفـول" و "الفـِجل" وتشرب من نهر
النيل كأي فلاح مصري لا شأن ولا رأي لك؟
والفلسطنيون والقضية الفلسطينية, ألم يكونوا
مجرد شعارات تلوكها أنت وأحمد سعيد وأضرابكما وتتبارون في تزييفها وتخدير
الفلسطينيين والعرب بالنصر القريب والقوة العربية التي لا تقهر..!!؟ هكذا كان الفلسطينيون يوم كنت أحد عمالقة
العرب, وهكذا تركتهم.. واليوم وقد أراح الله منك العرب ولم تعد في العير ولا في
النفير, ها هو العلم الفلسطيني يرفرف في جميع قارات المعمورة وصوتهم يدوي من على
منصة الأمم المتحدة وفي جميع المحافل الدولية وسيادتهم ـ مهما كانت ناقصة على معظم
أرضهم ـ فرئيسهم يكاد يكون ندا لملوك ورؤساء العالم, كل هذا والعلم الموريتاني
يرفرف فوق مبنى الجامعة العربية وفي كل عاصمة عربية.
يا سيدي يا هيكل, ل تكابر أفليس وضع العرب
اليوم وأنت منبوذ منهم وموريتانيا والصومال وجيبوتي وجزر القمر بينهم, خيرا منه
يوم كنت حاضرا بينهم تدس أنفك في كل صغيرة وكبيرة من شؤونهم وموريتانيا لا يعترفون
بدولـتها؟
يا سيدي, قل لي بربك ماذا حقق العرب أيام كنت
فيهم؟ الحق أنك لو لم تكن وقحا لطأطأت رأسك خجلا من الحديث عن تلك الفترة من تاريخ
العرب أيام كنت فيهم ذا كلمة مسموعة, بدل هذا التباكي على تلك الفترة وكأنها ذروة
مجدهم وكأنك الفارس المغوار فيها.
هيكل وموريتانيا
إنني أعرف, كما يعرف هيكل, أن مثقفين وكتابا
لم يكونوا معجبين بأفكاره وكتاباته, وقد التقى ببعضهم في زمن تيهه وترنحه, وجرت
بينهم صدامات فكرية و ملاسنات ومكاتبات لم تخل من جرأة وصراحة لاذعة فاجأته
وأغضبته أيما غضب..
لكني لم أكن أصدق أن هذا الهيكل, المحشو
بالغرور والتعالي, يكون من السخف والتفاهة بحيث يزيح جام غضبه وحقده على أفراد
اصطدم بهم في الساحات الثقافية والفكرية, فألقموه من وضوح الرأي وقوة الحجة وعدم
التقدير له شخصيا ما لم يستسغ بلعه... ولم أكن أصدق انه يزيح غضبه وحبه للانتقام
على شعب بأكمله لأن أولئك الأفراد ينتمون اليه, ألم يفترض أن كل واحد من هذا الشعب
لديه من الجرأة وبذاءة اللسان والمعرفة الواسعة بماضي هيكل وحاضره ما هو أكثر
بكثير مما يعرفه أولئك؟
وبعد.. استسمحك يا سيدي هيكل وأعتذر لك عما قد
أكون أثرته وكشفته من حقائق لا ترضيك أثارتها والكشف عنها... وأقسم لك بأغلظ
الأيمان, أنك لو قلت في سياق المدح أن الشعب الموريتاني ينتمي لأي أمة غير الأمة
العربية لصفقت لك وتمنيت لو كنت صادقا, وتأسفت في نفس الوقت لجلهك المشين بتاريخ
وحاضر الأمة التي تتشدق بالذود عن حماها.. ولكن لما قلت في سياق الذم أن انتماء
موريتانيا للعرب كان سبب بلائهم.. وكأنها أشعلت نار الفتنة والأحقاد والكراهية
بينهم وزجت بهم في حروب خاسرة, وكأنها تضللهم وتزيف لهم الحقائق حتي يتخذوا قرارات
مدمرة لهم, أو هي تملك حق النقض لقرارتهم.. ولما كتبت ما كتبت في سياق الذم, رأيت
من واجب التاريخ علي أن أكشف الأمور وأوضح الحقائق بأمانة وصدق لا يشوبه حقد ولا
غضب بل كل همي أن تنجلي الحقيقةولكن الحقيقة أحيانا تكون مرة.
وأخيرا.. أنصحك يا سيدي أن تريح نفسك من العرب
وشؤونهم وشجونهم كما أراحوا أنفسهم منك واترك قافلتهم تسير, وهي قد تسير ببطئ
وتعثر مقلق أحيانا ولكنها تسير بسرعة وثبات مبهج أحيانا أخرى.. وهكذا تسير قوافل
الأمم ـ مهما عظمت ـ في التاريخ.. فلتتركهم ولا تزعجهم بالنباح و أذكرك ـ نيابة عن
الموريتانيين ـ يقول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقــــص فهي الشهادة لي بأني كامــــل
لقد
آذيتم, يا سيادة الهيكل, الشعب الموريتاني وأردتم تشويه تاريخه مرتين فأرجوكم أن
لا تعدوا الى ذلك مرة أخرى "وان عدتهم عدنا.. وجزاء سيئة سيئة مثلها"
والله خير الحاكمين.
رياض ولد احمد الهادي
في خضم موجة محاسبة حسنين هيكل المقرب من الدكتاتورية الجديدة غير الحكيمة التي يقودها السيسي ونظامه الذي بدأ ممولوه يضيقون به ذرعا إثر الفضائح المتكررة بالإضافة إلى مغازلة إيران والهجومات المتكررة على السعودية التي أرادت تحجيم المد الصفوي أردنا أن نذكر القارء الموريتاني بصفعة ولد أحمد الهادي لهيكل لما طعن في عروبة البلد باعتبار أنّ دخولها إلى الجامعة كان حافزه الطمع في المال العربي ...
ردحذف