الأربعاء، 11 فبراير 2015

الأدنوية هي الوظيفية ...المترجم يحي ولد الصغير

Minimalism is Functionalism 
David Golumbia1
        
   يصرّح البرنامج الأدنوي، وهو النموذج الأكثر حداثة في بحوث Chomsky، بوضوح بالاستمرار مع الأطوار الأولى لللسانيات التوليدية-التحويلية. وعلى الرّغم من استعماله (المحدود limited) للمصطلحات الفنّية terminology المستعارة من الأطوار التوليدية القديمة واستمراره في التركيز على منافذ عديدة اهتم بها غالبا هو وأتباعه، فإنّ المستوى التصوّري conceptual level للبرنامج الأدنوي يمثّل قطيعة ادرامية مع النّظريات التوليدية القديمة. إذ يتبنى البرنامج الأدنوي العديد من الافتراضاتassumptions والأهداف التي اهتمت بها مشاريع البحث اللساني سابقا، جنبا إلى جنب، خلافا لتوجه Chomsky، فهذه الأهداف والمشاريع التي ألحقت بالأدبيات اللسانية تم وسمها بالاتجاه الوظيفيfunctionalism.
ولئن حقّق هذا االتحول shift نتائج معنوية في اللسنايات، في جزئها الذي يقود إلى تقارب بين الوظيفيين functionalist ومقاربات الشكلانيين، فإن هذه النتائج لم تصل إلى التمكن في الاكتمال إلا عندما تم إدراكها في حقول كالفلسفة والعلوم العرفانية الّتي كانت منطلقا للكثير من الفرضيات الأساسية التي كانت هي منطلق مظاهر التوليدية الّتي تم تحديها الآن بنظرية اتشومسكي الخاصة.

© 2008، جميع الحقوق محفوظة لـ Elsevier Ltd.
Keywords، Chomsky Noam، اللغة والعرفان Language cognition، اللغة والوظيفية، النحو التوليدي، البرنامج الأدنوي، فلسفة اللغة، الإعراب، النحو الكلّي


تقديم[2
   فمنذ منتصف التسعينات أخذت أعمال Noam Chomesky اللسانية منعطفا تصوّريا يحمل عواقبه بصفة كاملة داخل هذا الحقل الذي بدأ يتضح وخارجه. لأنّ Chomsky ذكر في مرات عديدة أنّ هذا المنعطف الّذي يطلق عليه تسمية (البرنامج الأدنوي نحيل القارئ على، Chomsky (1995، 1998، 2001، 2004، 2005، 2007، 2008))، يواصل روح البرنامج التحويلي-التوليدي TG الّذي بدأه في الـ50نيات، وقد أكّد الباحثون (الشومسكيون بالخصوص) على الاسترسال الواضح والكبير بين البرنامج الأدنوي والأعمال التوليدية الأخرى. وقد تمّ التسليم بهذا الاسترسال، على الرغم من أن، البرنامج الأدنوي يختلف بطريقة واضحة عن الصيغ التوليدية الأخرى. وذلك من المستغرب بالفعل، غير أنّه كما صرّح Chomsky مؤخّرا بطريقة واضحة أنّ البرنامج الأدنوي ليس بحثا مباشرا في طبيعة النّحو الكلّي (UG)، أي أنّه ليس السمة المميّزة hallmark لبرامجه السابقة للبرنامج الأدنوي، وإنّما على خلاف ذلك فهو "يقارب النحو الكلّي انطلاقا من الأسفل" (Chomsky 2007)، باحثا عن مظاهر الملكة اللغوية language faculty الكائنة بفضل" الضرورة التصوّرية الافتراضية virtual conceptual necessity" (الّتي شكّ فيها Postal (2003) من بين آخرين شكا كبيرا)، وغيرها من العوامل غير الغوية، وبالتالي يتم الكشف عن محتوى النحو الكلّي إلى حد كبير بواسطة تحديد ما تبقّى عندما يتم استبعاد العوامل غير اللغوية.
    وخلافا لبرامج توليدية أخرى generative program، إذاً، يتمثل الجزء الكبير من  الوجهة النظرية للبرنامج الأدنوي في دراسة تلك المظاهر اللغوية الّتي لا تقتضي أن يكون ما قد تمّ فهمه على أنّه نظام لغوي فطري innate linguistic mechanisms سببا من أسباب تحقّقها، ولكن عوضا عن ذلك فإنّ ما ينتج بالخصوص عن مظهر shape أي تفاعل مزعوم بين مظهري الدماغ البشري human mind الآخرين هو أنّ Chomsky لا ينكر undeniable وجودهما: أي النظام التصوّري-القصدي conceptual-intentional system (CI) و النّظام الحسّي-الحركي sensory-motor (SM). يعني ذلك أنّ البرنامج الأدنوي لا يتناول فقط النحو الكلّي وإنّما أيضا يدرس مظاهر اللغة البشرية الّتي يمكن أن تفسّر على أساس حاجيات نقل المواضيع النظامية للتصوّر القصدي CI system objects إلى الحس الحركي SM (والعكس بالعكس)- وبعبارة أخرى، من أجل الجهر بإحدى أفكاره، ومن أجل إفهام أفكاره لأشخاص آخرين بلغتهم (إذا ما كانت هذه اللغة مستعملة، أو إشارة signed، أو منقولة بواسطة وسائل أخرى)[3]. وطالما أنّه لا يوجد أيّ شكّ في أنّ نُظُم اللغة الخاصّة language-specific mechanisms تظلّ هي الاهتمام الحقيقي لأتباعChomsky، فإنّ الدليل المنهجي للبرنامج الأدنوي هو الاستمرار ما لم يوجد نزر قليل من تلك النظم: "كيف يمكن للقليل أن ينسب إلى النّحو الكلّي طالما أنّه يقوم دائما بتفسير تنوّع اللغات الداخلية I-languageالمتحقّقة" Chomsky (2007، ص3) سيتمحور السؤال حول أين تبقى اللغة الداخلية، بما أنّها كانت موجودة في جزء كبير من تاريخ النحو التحويلي TG، وكانت الحدود التقنية لهذا الجزء من اللغة تعالج بملكة اللغة الفردية individuals’s language faculty.
   اللغة التقنية technical language الّتي عبّر عنها Chomsky بالبرنامج الأدنوي أدّت إلى أن يرى البعض بطريقة خاطئة وجود بحث تكراري للنحو الكلّي، وذلك هو المعنى الاسمي nominal sense الّذي بموجبه يكون ما ذكرنا صحيحا، ولكن Chomsky الآن واضح في أنّ النحو الكلّي خلافا لذلك يجب أن يكون لائحة "للاستثناءات exceptions" الّتي اطلق عليها "الأطروحة الأدنوية القوية the strong minimalist thesis (SMT)"، تلك المظاهر اللغوية التي يقتضيها التصافح الحسي الحركي SM- التصوّري القصدي CI، وما يسميه Chomsky "الضرورة التصورية العملية". وبطريقة مثالية، كتبchomsky، أنّه لا يجب أن يوجد أي شيء في النحو الكلّي على الاطلاق - إذ أنّه في هذه الحالة يجب أن تكون اللغة "موسومة designed بشكل تام"، دون "استثناءات exceptions"، وربّما، تكون عاكسة تماما، بطريقة ما، للعمليات الدلالية للتصوّر القصدي CI (بما أنّ إحدى وجهات النظرية تتمثل في أنّ عمليات الحس الحركي SM المحضة تفتقر إلى معنى موسوم assigned ببعض الوسائل المتعلّقة بوظائف التصوّر القصديCI؛ ينظر في هذا المجال Culicover and Jackendoff (2005، ص ص94-102)، في هذا التوجّه aspect المتعلّق بالاقتضاءات التصورية entailments للنحو التحويلي TG المتبقية في البرنامج الأدنوي [4]MP). وطالما أنّ الكثير من الأعمال الخاصّة بالبرنامج الأدنوي MP تعيد صياغة السّمات المتعارف عليها في النحو التحويلي TG مثل تأثيرات العبور crossover effects، التحكّم المكوّني c-cmmand، والاستخراج الميمي wh-extraction، وهلمّ جرا، بالنسبة إلى ما يسميه بالضم الخارجيexternal merge، والضم الدّاخلي internal merge (يعني الحركة i.e., Move)، فإنّChomsky يبذل جهودا من أجل تحديد نقاط الاختلاف في الأعمال السّابقة، إذ يمكن لعملية الضمّ mergeعلى العموم أن توجد في النحو الكلّي، وتقريبا مع كل ما كان قد تمّ اعتباره سابقا على أنّه المحتوى الخاص بالنحو الكلّي أصبح الآن وسيلة إجراء implimented في بعض الأبنية العرفانية العامة، وبالخصوصالشروط الّتي يفرضها التفاعل بين التصوّر القصدي CI والحس الحركي SM.
   وهكذا فعلى الرغم من شدّة الرغبة في إعادة صياغة ما قد كان يعتبر عمليات للنحو الكلّي بمعنى البرنامج الأدنوي، فإنّ برنامج Chomsky قد اعتراه تغيير جذري. إذ أنّ الفكرة الّتي تقوم عليها اللغة على العموم والمتمثّلة في الترابطات الأساسية بين كلّ ما نطلق علية تسمية فكر though وتسمية الضغوطات البيولوجية لثنائية كلام speaking/إشارة signing، طوال الأنظمة التمييزية للغة الدنيا minumal liguage-specific mechanisms، هي السمة المميّزة hallmark لمجال range أكثر اتساعا للمفكّرين حتّى أولئك الّذين يشترك معهم Chomsky في العادة. ويمكن انطلاقا من بعض النماذج forms أن نجدها (الفكرة) عند مفكّرين مختلفين كما هو الحال عند Kant، Hume، Bergson، Heidegger، Wittgenstein،Hilary Putnam، W.V. Quine، وحتى عند ما بعد البنيويين poststructuralists كـ Jacques Derrida – وعلى العموم، كل المفكّرين الّذين يبذل Chomsky مجهودا كبيرا من أجل أن يميّز نفسه منهم، وبالتحديد بسبب توجّهاتهم اللسانية الجديدة. وقد تكون هذه المسألة ذات الأهمية الخاصّة غير أساسية بسبب أعمال Chomsky اللسانية، وإنّما بسبب الاصطدام العام للمناويل views التشومسكية في حقول كالفلسفة والعلوم العرفانية، حيث تتوقف العديد من الدّراسات دائما على جزء من أعمال Chomsky الّتي تتولّىunderwrites الصورة العليا المبنينة للقاعدة المؤسسة للنحو الكلّي – ذلك أنّ البرنامج الأدنوي يعفى كلّيا تقريبا من (الحركة الّتي كان قد تمّ انطلاقها سابقا، بطريقة قابلة للنقاش، في برامج Chomsky الصادرة في الثّمانينيات). وانطلاقا من هذه الاقتضاءات التصوّرية، غالبا ما يعتبر البرنامج الأدنوي، على نحو ملفت للنّظر، وثيق الصّلة بالرؤى perspectives المقدمة من طرف أكثر المعارضات opponents النظرية التشومسكية شهرة في اللسانيات، تلك النظريات الّتي عرفت اليوم على أنّها نظريات وظيفية (ينظر في هذا المجال Butler، 2003، 2005أ، ب، 2006)، وBybee (2006)، Newmeyer (1999، 2003، 2005)). وفي ما تبقّى من هذا النقاش، فإنّ المخرج ليس في دقّة البرنامج الأدنوي، ولا في دقّة الوظيفية في هذه المادة (ص29) إذ قد اقتنعت بالفعل أنّ المقاربتين تمتلكان الكثير من الفوائد يمكنهما أن تقدّماها للأبحاث اللسانية linguistic inquiry. ويتمثّل مركز اهتمام هذا النقاش في فهم الدعائم inderpinnings الأساسية لبرنامجي البحث وكيفة إمكانية مقارنتهما بتلك التغيّرات المبكّرة التي لحقت بالنحو التحويلي TG، وبالخصوص تلك التي تؤثّر على نظريات عرفانية أكثر عمومية ، وعلى الدماغ mind، واللغة. وحجّتي في ذلك هي أنّ التفاعل المدعوم بمعطيات data لغوية والرغبة الحقيقية في إنشاء نظرية مضبوطة قد أجبراChomsky على تجاوز تلك الأقسام الأساسية المتعلّقة ببرنامجه على أحسن وجه، تلك الأقسام الّتي كان قد تمّ استعمالها إلى حدّ الساعة من أجل تمييز "مسار تطوّر التشومسكيين Chomskyan revolution" من بقية الدراسات اللسانية، والّتي تجعل البرنامج الأدنوي يصمد حاليا في أحوال كثيرة على أنّه حجّةargument بالضبط ضدّ هذا القسم الثوري الّذي كان يمثل معظم النفوذ اللساني الخارجي.

2- البرنامج الادنوي برنامج بحث.
   اصطدم البرنامج الأدنوي على الأقل منذ تجلّياته الأولى، ببعض الدّارسين الذين تموضعوا بصفة عرضية في سياقاته الفلسفية واللسانية. إذ أنّ الهدف من البرنامج الأدنوي ليس وصف الملكة اللغوية (FL) مباشرة وإنّما "وصف الشروط التي فُرضت على الملكة اللغوية (FL) بواسطة الأنظمة الّتي تتفاعل معها (الشروط)" (Chomsky 2004، ص105)، بما أنّه "إذا ما كانت اللغة قابلة للاستعمال مطلقا، فإنّ ذلك يحدّد لزوم إشباع "شرط التصافح interface condition IC": وهو ضرورة أن تكون النظم الأخرى قابلة للوصول إلى المعلومة الكامنة في العبارات المتولّدة generated عن [لغة ما L]، ومن بين تلك النظم النظام الحسي الحركي SM ونظام التصوّر القصدي CI الدّاخلين في الفكر thought والعمل action" (Chomsky2004، ص105). يعني ذلك أنّ مهمّة البرنامج الأدنوي تتمثّل في "فحص كل جهاز device" (مبدأ، فكرة، إلخ.) تمّ استعماله في وصف اللغات characterizing languages من أجل تحديد إلى أيّ مدى يمكن أن يتمّ إقصاؤه لفائدة الاعتبار المبدئي principled account بمعنى الشروط العامّة للحوسبة الفعالة وشروط التصافح IC الّتي يجب على العضو إشباعها من أجل أن يشتقل على الإطلاق " (Chomsky2004، ص105، تأكيد مضاف emphasis added). وهنا يصف Chomsky "أطروحة القوّة الأدنويةSMT بطرافة- كثيرا ما يتوقّع من خلالها "أنّ النحو الكلّي UG [مقولة] فارغة، ولذلك so that فإنّ كلّ مظهر من المظاهر اللغوية يمكن أن يتمّ تفسيره عن طريق شروط التصافح ICs نفسها، وأنّ مجموعة "عناصر س0 غير المفسّرة ... تعتبر عناصر فارغة" حيث أنّ س0 مجرّد "عناصر مبدئية للبرنامج الأدنوي"، في حين تصبح عناصر س0 غير المفسّرة اسما آخر للنحو الكلّي (Chomsky 2004، ص105).
   فعلى الرغم من إلحاح Chomsky على أنّ أطروحات القوة الأدنوية SMT "كثيرا ما تتوقع"، فإنّ جزءً كبيرا من أعمال البرنامج الأدنوي التي تعود إلى Chomsky وآخرين تتقدّم كما لو أنّ أطروحات القوة الأدنوية صحيحة. وللتعبير عن هذه المسألة بطريقة أخرى نقول إنّ وجودها قليل جدا في النحو الكلّي، أو أنّ الكثير من العمليات اللغوية الجوهرية ليست مشفّرة coded هي بنفسها في الملكة اللغوية بصفة خاصة، وإنّما على الأصّح مشفّرة في الأبنية العامّة للدماغ brain والجسم، وفي الشروط المنبثقة من الضرورة الفيزيائيةphysical necessity، على مستوى النظام التناظري الثنائي symmetry bilateral، الذي ليس هو الآخر مشفّرا من أجل التواجد الكلّي omnipresent في النّظام البيولوجي (Chomsky 2005ب). وقد سمح ذلك لـ Chomsky بوضع ما أطلق عليه تسمية التطورية evolutionary (ومن الناحية النظريةtheoritical)، "القفزة الكبيرة إلى الأمام great leap forward" (Chomsky 2005أ، ص12): "ونفترض، إذاً، أنّ ما نتّخذه الطرح الأبسط هو: الطفرة الكبيرة لضم النتائج the great leap forward yields merge" (Chomsky 2005أ، ص12)- لا في الجزء البسيط لأنّ الملكة اللغوية في أقصى تعقيداتها قد جاءت في ما يبدو بعيدة الاحتمال في ما يتعلّق بخلفيات التطوّر. علاوة على ذلك، توفّر [عملية] الضمّ merge ما قد كان عمليات تشومسكية أساسية للملكة اللغوية: أي أنّه باستثناء بعض الشروطstipulation التي تمّت إضافتها، توجد حالتان فرعيتان لعملية الضمّ operation merge. ومن المسلّم به أنّه يمكننا أن نضمّ (ب) إلى (أ) من خارج (أ) أو من داخلها؛ إذ يوجد ضمّ خارجي وضمّ داخلي، يطلق على العملية الأخيرة تسمية "نقل move"، ولذلك غالبا ما "تأتي حرة comes free"، لتحصيل/لإنتاجyielding خصائص الإزاحة الاعتيادية في اللغة" (Chomsky 2005أ، ص12). وهكذا "فهذه الخاصية التى كنت قد اعتبرتها (Chomsky) بطريقة خاصّة على أنّها "نقص imperfection" في اللغة ينبغي تفسيره بطريقة أو بأخرى، قد [تأكّد] في الحقيقة أنّها ضرورة تصوّرية عملية" (Chomsky 2005أ، ص12). 
   إنّ هذه النزعة الفكرية هي ما ميزت ما كان مسيطرا على البرنامج الأدنوي على الرغم من أنّها مثيرة للجدل. فإلى حدود 1990، كانت الأسئلة الدائرة حول "التمام perfection" أكثر سرّية على مستوى البرنامج التوليدي، لعل الجدير بالذكر في هذا الرأي dictum هو أنّ المعجم "قائمة من الشّواذ list of exceptions" (ينظرChomsky (2004، ص107))، إذ يوحي البرنامج التوليدي بأنّ الإعراب كان مجموعة  قواعد تكاد تكون تامّة nigh-perfect بموجبها تعدّ الكلمات  بطريقة أو بأخرى "قائمة من الشواذ listed exceptions"، (يعني ذلك أن النحو الإنكليزي يتضمّن قاعدة تبيّن أنّ "إلحاق ed إلى الكلمة يولّد الماضي"، وهكذا فإن أيّ كلمة يختلف نشاطها الوظيفي عن ذلك يجب أن تتضمّن نوعا من المفاهيم تعتبر شاذّة عن هذه القاعدة العامة). وانسجاما مع عقائد أطروحة القوة الأدنوية SMT، وتلك هي حقيقة الاهتمام emphasisالخاص في أعمال تشومسكي الحالية الكبرى (2004، 2005اب، 2007، 2008)، نتعّلم شيئا ما مفاده أنّ عملية انقل  operation move  الّتي كان قد تمّ وضعها على أنّها النظام الأساسي للنحو التحويلي TGfundamental mechanism (في Chomsky  1981، 1982، 1986) ليست ناتجة بالخصوص عن طريق نظام مشفّر وإنّما بدلا من ذلك عن طريق قيود فرضتها مصادر خارجة عن الملكة اللغوية FL(تشمل شروط التصافح ICs و"الضرورة التصوّرية العملية virtual conceptual necessity" (Chomsky 2004، ص104). فبينما لا يوجد أيّ شك في أنّ استعداد الباحثين يزيد تحريك دواليبgears الأسئلة بسرعة حول طبيعة التطوّر التشومسكي (ينظر في هذا المجال Johnson وLappin(1997)، Lappin، وآخرون al. (2001))، فإنّ السبب الوحيد الّذي جعل ذلك يتحقّق هو لأنّه على الرغم من أنّهم حافظوا على الكثير (ص30) من طرق العمل التشومسكوي وعلى اهتماماتهم التجريبية، فإنّ ما ألغوا بالضّبط هو الآليات المختلف حولها في أعمال Chomsky المبكّرة- وما تركوا هو ما أعتبر إلى حدّ كبير الرؤية السابقة للعمل الثوري المتعلّق بالخاصية اللغوية character of language

   وهكذا فإنّ الكثير من العناصر اللافتة للانتباه في النحو التحويلي TG والّتي أبقت عليها نظرية المبادئ والمقاييس P&P في الثمانينيات قد تمّ التخلّي عنها بوضوح في البرنامج الأدنوي. إذ "لا يوجد في هذا التصوّر شكل منطقي LF: وإنّما على الأصح ترسم الحوسبة تنظيما Array معجميا  للصوت PHon، والدلالة SEM" (Chomsky 2004، ص107) حيث يتمّ التوصّل إلى PHON عن طريق الحسّ الحركيSM وإلى SEM عن طريق التصوّر القصدي CI. وتقترب [عملية الاشتقاق] D إذا ما أشبع كلّ من PHON وSEMشرط التصافح IC؛ أو، بطريقة أخرى، تتحطّم إذا ما تمّ التأكيد "على أحد التصافحين" (Chomsky 2004، ص106). أصبحت الكثير من الخصائص الّتي يربطها اللسانيون باللغة وفقا للدمج الآلي/الانطفاء الذاتي[5]per se "سمات" صوتية features of PHON، قابلة للتمييز سواء أ كان ذلك من خلال إظهارها لعلاقات إعرابية syntactic relationships (ولذلك يتمّ اعتبارها قابلة للتأويل interpretable في البرنامج الأدنوي) أم على العكس من ذلك  (ولهذا تعتبر غير قابلة للتاوبل uninterpretable). يسمح البرنامج الادنوي "ببقاء علاقة المطابقة بين α المطابقة بين  و β، حيث تكون لـ α السمات التصريفية القابلة للتأويل ويكون لـ β السمات التصريفية غير قابلة للتأويل، تلك العلاقة التي تقع تحت تأثير المطابقة agree" (Chomsky 2001، ص3). فبالنظرة/المواجهة الأولى نجد أنّ علاقة المطابقة والسمات غير القابلة للتأويل ناقصتين imperfections" (Chomsky 2001، ص3)، وذلك ما يبيّن وجود انتهاك لأطروحة القوّة الأدنوية SMT، ولذلك فبدلا من محاولة تحديد الطرق الّتي بها يمكن للملكة اللغوية أن تتضمّن نظم التشفير الحالية  acual coding mechanisms من أجلهما (أي علاقة المطابقة والسمات غير القابلة للتأويل)، فإنّ Chomsky الآن يحاول من خلال البرنامج الأدنوي أن يجد طرقا توجبها شروط تصافح الفاعل اللازم والمفعول الوسيط[6] SI-CM. وبالخصوص فإن "شروط المحلية locality conditions" الموحية بأنّ المطلب الأساسي الّذي أنجزته اللسانيات الحاسوبية بطريقة أكثر فعالية قدر الإمكان "تمنح yield تدخّلا فعالا" في بعض الحالات (القابلة للتأويل)، "باستثناء المطابقة"، أي أنّها تقوم بتفسير للظروف circumstancesالّتي لم تحدث فيها عملية مطابقة أو التي لم تظهر فيها (عملية مطابقة) على الواجهة، "وفي نطاق اعتبار صحّة ذلك، فإنّ السمات غير القابلة للتأويل وعلاقة المطابقة تعتبران غيرناقصتين تماما، رغم بروز التمثّلات، (Chomsky 2001، ص4).

     وطالما توجد محافظة على التعهد البياني rhetorical commitement للكثير من المبادئ الّتي حدّدت الأطوار القديمة للمدرسة التوليدية بالإضافة إلى التعهّد النظري لبعض المبادئ ذات التوجّه العلمي التي خصصت بطريقة قابلة للنقاش كل البرامج التشومسكية (ينظر في هذا المجال Johnson وLappin(1997)، Katz (1996)، Katz وPostal (1991)، Lappin et al. (2000، 2001)، Postal(2003)، من أجل الاعتراض على مختلف مظاهر هذه الافتراضات)، وطالما بقيت (المبادئ) مهتمة بعدد كبير من المظاهر اللسانية نفسها تلك المظاهر الّتي غذّت المشاريع التوليدية السابقة، فإنّ البرنامج الأدنوي يختلف عن التصوّرات القديمة للنحو التحويلي TG من حيث النظرة الّتي من خلالها لا تلزم اللغة "التامة perfect"أيّ  صنف مادّي substantial، باعتباره محركا لغويا مكرّسا dedicated linguistic لدماغ كل فرد brain at all. وعلى الرغم من هذه المطالب المتعلّقة بالاسترسالية continuity إلى المشاريع القديمة، فإنّ بعض الكلمات الّتي ظهرت في البرنامج الادنوي كـ "الناقصان imperfection" و"الفعالية والحوسبية computational efficiency" ليستا ببساطة عبارتين جديدتين وإنّما فكرتين جديدتين في الأبحاث التشومسكية، تحدّدان بطريقة وقتية على الأقل شأن عظيما لدى المنافذ الّتي اعتبرت هامة في الصّنفين النّقديين الخاصّين بالمدرسة التوليدية والموجهين إلى اللسانيين العاملين خارج الجداول التوليديةgenerative paradigms تماما.

3- الوظيفية والاستقلال للإعرابي  syntactic autonomy 
    عبارة الاتجاه الوظيفي في اللسانيات ليست هي العبارة التي يمكن ببساطة أن تنسب إلى فريق متمايزdiscrete من المؤيّدين adherents، بطريقة ممتعة أو إيحائية. وبهذه المناسبة فهي ليست بالضبط كعبارة الاتجاه التوليدي ولا كعبارات أخرى تتعلّق بحركات مختلفة في أيّ عدد من أعداد الحقول الأكاديمية. وعلى الرغم من أنّ لها مؤيّدين خاصّين وحتّى لسانيين أخذوا التسمية ضمنيا لوصف مشاريعهم، فإنّه ليس من الواضح أن معظم الوظيفيين يقاربون دراسة اللغة بنفس الطريقة، باستثناء المستوى الأساسي الجيّد أو المستوى التصوّري الجيّد. فعبارة الاتجاه الوظيفي هي العبارة المظلّة لمقاربة عامة أو لمجموعة من المقاربات بدلا من أن تكون نظرية خاصّة، كما هو الحال بالنسبة إلى النحو العام generalized grammar، والبنية المركبية phrase-structure، والنحو المقولي categorial grammar، أو نظرية التحكّم والرّبطgovernment and binding، أو ما ينسب إلى Chomsky من نظرية المعيار الموسّعة  extended standard theory (EST/Y) 

   وهكذا فإنّ الإطار frame هامّ بما أن الحدود الحقيقية للمقاربة الوظيفية للغة غير واضحة، خاصّة إذا ما ألتفتنا إلى الماضي. وخاصّة إذا ما ظهرت العبارة عن طريق  استعمالها الضمني في كتابات Simon Dik(1980، 1989، 1997) وMichael Halliday (1973، 1985) وTalmy Givón (1979، 1984، 1990)، حتّى انّه ليس من الواضح أنّ هؤلاء الدّارسين الثلاثة كانوا يدعمون بعضهم البعض في حواراتهم، أو أنّهم كانوا يهتمّون بإنشاء أي نوع من أنواع البرامج الشاملة comprehensive فوق سُبُل أبحاثهم الخصاصة. وبالفعل فإنّ هؤلاء الدّارسين يختلفون كثيرا على مستوى اهتماماتهم وبصفة أدق في المنفذ الّذي يبدو أنّه واجهة front ومركز للنحو التحويلي TG، أي أنّه هو الدّرجة الّتي من خلالها يمكن أو يجب على الشكل أن يكون الاهتمام البارز للسانيات linguistics. فقد اهتمّ  Dik و Givónمؤخّرا بصفة طريفة بالشكل، وقد اهتمّا كذلك بما يسميانه بوضوح الشكلانيات formalisms (رغم الاختلافات الدالة في مقاربتهما للموضوع)، وعلى الرغم من ذلك يصعب من خلال منواليهما، أن نسميهما شكلانيَيْن بهذا المعنى الّذي كانت العبارة قد استعملت له.
   فبالدرجة الّتي يوجد فيها تباين contrast واضح بين الاتجاه الشكلاني والاتجاه الوظائفي (ينظر في هذا المجال Darnel et al. (1999أ، ب)، Newmayer (1998)) يمكن لمؤيدي البرنامجين الاعتراف بعملية التوتّر الأساسي والتصوّري a foundational and conceptual tension، إذ أنّه يمكن القول باتّباع (ص31) الترسّخ العميق للتوتر الفلسفي. يميل الشكلانيون إلى اعتبار أنّ اللغة في الأصل primarilyتتجلّى في خدمة العرفان، كما يتناسب مع تقاليد العقلانين rationalist التي يتبعها Chomsky بشكل واضح؛ ويميل الوظيفيون إلى اعتبار أنّ اللغة في الأصل تكمن في السياقات التواصلية communicative contexts، وهو موقف مألوف نسبيا في التقاليد الفلسفسة المقابلة لتقاليد التجريبيين. ومن خلال هذا التباين ينبثق emerges نزاع أعمق المعمّق deeper:

     يتمثل المعتقد tenet الأساسي والعام للوظيفية في أنّ اللغة أولا وقبل كلّ شيء تعتبر وسيلة اتصال بين الأفراد في سياقات سوسيوثقافية sociocultural ونفسية، ولذلك فهذه الحقيقة يجب أن تحدّد رؤيتنا حول الطريقة الّتي يجب على اللغة من خلالها أن تشكّل أنموذجا. وبعبارة أخرى، فإنّه يوجد إجماع consensusكبير بين الوظيفيين حول أنّ النّظام اللغوي the linguistic system لا يمثل عملية احتواء ذاتي self-contained، وليس مستقلاّ استقلالا تاما عن العوامل الخارجية external factors، لكنّه مشكّل منهما (عملية الاحتواء الذاتي، الاستقلال التام) (Butler، 2003، ص4)

   فلا توجد أية طريقة واضحة من خلالها يكون الوظيفيون بمثابة الفريق الحامل للفكرة القائلة بأنّ القسم الكبير من الجزئيات اللغوية ينبثق من أيّ وظيفة من الوظائف الخاصة particular function، فلنترك جانبا تلك المباشرة الاجتماعية direct social أو حتّى الوظائف التواصلية communicative functions الّتي يمكن إدخالها inputed في المعيار الواسع large-scale للأبنية اللغوية linguistic structures كما هو الحال بالنسبة إلى الحالة الإعرابية case أو عملية المطابقة agreement. وهكذا فإنّه من غير الممكن الجزم بأنّ الوظيفيين غير مكترثين بالشكل أو أنّهم لا يسلّمون committed به؛ كما هو ملاحظ أحيانا عند كل من Dik و Givónفي تبنيهما  لشكلنات formalisms قريبة تماما من بعض الشكلنات التشومسكية ومن حين لآخر يزداد اهتمامهما بالشكل أكثر من اهتمام لسانيين آخرين يطلق عليهم في هذه الأيام تسمية الوظيفيين؛ وHalliday أيضا، على الرغم من اهتمامه بالشكل، يميل إلى دراسة المنافذ الشكليةformal issues بتماسك كبير في ما يتعلّق بالتفاعل مع أنظمة لسانية أخرى، إجتماعية، وعرفانية. وقد اهتم حاليا وظيفيون من أمثال Van Valin، وLapolla (1997)، وCroft (2001) بالشكل بطريقة عميقة.

   إنّه يوجد في الحقيقة في ما يتعلّق بتفاعل الشكل مع أقسام لغوية أخرى ما يمكن أن يعتبر أوضح خطّ للتمييز demarcation بين الشكلانية والوظيفية أمكن استنتاجه، لا في جزئه الصغير وإنّما من خلال الطريقة الّتي بها تكاد بعض المبادئ تقريبا أن تتبنّي بطريقة واضحة في اللسانيات التشومسكية. والمبدأ الأعظم في هذا المجال هو مبدأ الاستقلال الإعرابي autonomy of syntax، ذلك المبدأ الّذي يمكن أيضا فهمه على أنّه صنف من أصناف مبادئ المنظومية  modularity principle: يعني أنّه توجد ببساطة ملكة لغوية يتمثّل مجال عملها الوحيد في الإعراب الّذي يعتبر ببساطة مستوى منظومياmodular إلى حدّ ما في ما يتعلّق بالسياق والمعنى (يمكن بالفعل أن يكون السياق والمعنى غير متوفّرين في الملكة اللغوية FL)، الّذين بهما تحدّد ملكة اللغة البشرية بطريقة فعلية خاصّة أو بما يطلق عليهChomsky اللغة الداخلية internal (I)-language والّتي تمّ اقتطاعها من عمليات لسانية أخرى. وكل ما نريد أن نطلق عليه تسمية الدلالة، التداولية، والسياق لا يعتبر جزءا من أجزاء هذه المنظومةmodule الإعرابية المستقلة للملكة اللغوية FL؛ باعتبار أنّ الالتزام بمثل هذا التمييزcharacterization يبقى تقريبا في اتّساق مع كل الأعمال التشومسكية من جميع النواحي، طوال مختلف المراحل التي تمّ التركيز عليها بطريقة أو لأخرى

   يتتبع Newmeyer (1998) الوظيفي Croft (1995) بإبعاده للاختلافات الدقيقة ضمن مختلف الفرضيات المستقلّة، محتجا بذلك في الواقع على مجموعة من الوظيفيين تبنّت بعض صيغ forms هذه الفرضيات وعلى أنّ بعض الفرضيات الأساسية لا تعود إلى Chomsky وإنّما إلى Saussure ويمكن حتى أن تعود إلى أبعد من ذلك. ويلخّص Newmeyer ما اعتبره النواتات الثلاث للفرضيات المستقلّة كما يلي:

  فالاستقلال الإعرابي الّذي يدعم ما يوجد هنا من نظام عرفاني خال من الدلالة والخطاب والعناصر الإعرابية المشتقة a cognitive system of non-semantic and non-discourse-derived syntactic elements لا تُحيل مبادئه التوليفية  principles of combinationإلى عوامل النظام الخارجي system-external factors؛ واستقلال المعرفة اللسانية المتعلّق بالاستعمال والّذي يسلّم بنظام يجسّد المعرفة اللغوية هو الاستقلال القابل للتمييز characterizable بصفة مستقلّة عن استعمال اللغة؛ والاستقلال النحوي باعتباره نظاما عرفانيا، يعني الفكرة القائلة بوجود نظام عرفاني مكرّس بصفة خاصّة للغة. وفي كلّ الحالات قد اثبت أنّ الفرضيات صحيحة. (Newmeyer 1998، ص94).

   وعلى الرغم من أنّه لم يكن من الواضح أنّ مجموعة من الشكلانيين، حتّى Chomsky، ستتقيّد بهذه المبادئ، كما أجاز Newmeyer لنفسه، فإنّ ذلك من الناحية البرهانية يعتبر رفضا لتلك الحدوس intuitions، أو بطريقة أكثر دقّة فإنّ قدرتهم sufficiency تكمن في تفسيرية الكثير من اللغات البشرية مجتمعة، وذلك ما يجمع الوظيفيين باعتبارهم فريقا، وهو أيضا ما يجمعهم تاريخيا بالنماذج figures الّتي سبقهم إليهاChomsky.

   وبينما يطالب Newmeyer بالتقيّد بكلّ وجهات النظر الثلاث المتعلّقة بأطروحة الاستقلاليةautonomy thesis، فإنّ نقاشه في ما يتعلّق بالمنافذ issues يحمل اختلافا ضئيلا ويصنّف على نطاق واسع في الأدب أكثر من تصنيفه في النقاشات النموذجية في الأدبيات التوليدية generative litrature. وعلى هذا المستوى سيبدو أنّ فكرة الاستقلالية الحقيقية سمة مميّزة hallmark للنحو التشومسكي، وأنّ فكرة استقلالية الإعراب بشكل خاص كان Chomsky وحده هو الذي أظهر المصادقة عليها endorse في كلّ موضع من مواضع مساره الفكري career وذلك عكس ما يحدّد به الوظيفيون أنفسهم. ولكنّ تعتبر الفرضية الجوهرية substantive thesis هي وحدها الّتي يجب عليها حمل/تقديم bear الثقل الأكثر دلالة، أو هي الّتي على الأقل تمتلك قيودا أكثر وضوحا حول محتواها: فإذا ما اعتقد أحد أنه يوجد نظام إعرابي يعملoperates دون أن يحيل على العوامل الخارجية، فإنّ الأمر يكون أكثر تعقيدا إذا ما (ص32) اعتقد أحد ببساطة أنّ بعض العوامل الخارجية تتفاعل مع بعضها البعض أو أنّها تنشئ العمليات الإعرابية "all the way down"- سواء أ إذا ما وُجدت قواعد rules دلالية تعمل مستقلّة في الملكة اللغوية FL، أو سواء إذا تألفت الملكة اللغوية FL من أنظمة لا يمكن أن تعمل دون الإحالة إلى الأقسام اللغوية الأخرى. سيبدو أنّ الشكوك المعقولة كانت من جانب الرافضين للاستقلالية، منذ أن كنّا في حاجة ملحة إلى توضيح  أنّ الإعراب في بعض معانيه ليس مستقلا إلى درجة النهوض بقضايا الاستقلالية.

   ومع ذلك، فإنّ شيئا ما يشبه فرضية الاستقلال "المحض" pure autonomy thesis استمرّ في التحوّل إلى هدف بلاغي في اللسانيات التشومسكوية، ما إن يسلّم grant الكثير من الوظيفيين بأنّ بعض أجزاء الحدس المستقل autonomy intuition يجب أن تكون صحيحة. فالوظيفيون ليسوا للوهلة الأولى "أشخاصا غامضين mysterians" عند إلغائهم للفرضية الاستقلالية، فهم يعتقدون أنّ اللغة بطريقة أو بأخرى تتعالى على التفسير beyond explanation، وعلى العكس من ذلك فهم يجنون على العموم على نظرة من خلالها تطوّرت اللغة بالتوازي مع قدرات عرفانية cognitive capabilities أخرى، وهكذا فعلى الرغم من أنّ الإنسان يمتلك قدرة خارقة على استعمال اللغة وتوليدها، فإنّنا من الناحية التطبيقية  سنكون قادرين على إيجاد أمثلة قليلة جدا في اللغة الحالية يمكنها أو يجب عليها (الأمثلة) أن تكون منفصلة من الناحية التحليلية عن إجراءات وعمليات عرفانية أخرى. من الجهة الأخرى، تعتبر الأجزاء الهامّة من اللغة (أو التمثلات الذهنية للغة the mental representations of language) بالنسبة إلىChomsky هي الّتي يمكن أن تعزل بهذه الطريقة عن بقية العرفانيات. وهكذا يمكن لـ Newmeyer أن يبيّن أنّ Givón يبدو متيقّنا من إقرار شيء ما يقترب من التعديل الثالث للاستقلالية أي "استقلالية النحو باعتباره نظاما عرفانيا the autonomy of grammar as a cogntive system" طالما أنّه يحافظmaintaining على اهتمام عميق ومدعوم بالمبادئ البيولوجية والتطوّرية الّتي، على الرغم من أنّ  Chomskyوأتباعه غالبا ما يتوسّلون بها، فإنّه نادرا ما يتم اكتشافهم لها بتفصيل أو أنّها (المبادئ) نادرا ما تصل إلى حدود البرنامج الأدنوي.

   من بين الخصائص المفاجئة للوظيفية، حينئذ، هو أنّها غالبا ما تكون صائبة بما أنّها إذا لم ترتكب شيئا إضافيا في حقائق التنظيم والتبنّي البيولوجيين biological organization and adaptation تكون مثل الشكلانية. وبما أنّ Chomsky بوجه خاص غالبا ما يدّعي أن دراساته تنتهي في سعيها إلى تشكيل لسانيات "علمية"، يبدو أنّه من الممكن التخلّي عن وسائل الدفاع تلك من أجل إدراك لماذا نادرا ما يتمّ نقاش البيولوجيا والتطوّر evolution في عمله و، بالمقابل، لماذا غالبا ما يتمّ نقاشهما (البيولوجيا والتطوّر) في الكثير من الأدبيات الوظيفية functionalist literature، ولا يتمّ ذلك على الاطلاق least ofفي مجموعة أعمال Givón. ودون أن نخوض في الأسباب reasons العديدة لسوء التفاهم المذكور، من السهل ملاحظة لماذا يمكن للنظرة الأدنوية المتعلّقة بالاستقلالية أن ترضي تلك النظريات الأخرى عند اهتمامها بالتطوّر: وحتّى إن أمكن فهم هذا التصوّر، فلا يبدو أنّنا سنرى أيّ مثال يتعلّق بتطوير الحيوانات لشيء ما مثل القدرة العرفانية للإنسان human cognitive capacity خارج نطاق اللغة والعكس بالعكس. ولا يعود ذلك فقط إلى أنّ التصوّر يصعب فهمه- فهو بذاته دليل clue جبار- وإنّما قد لا نعاني كثيرا في نطاق ما إذا ما تصوّرنا أنّ العرفان واللغة مرتبطين ارتباطا قويا. فالدلافين يمكنها أن تكون ذكية جدا، ويمكن أن يكون لها نظام لغوي ما أو لغة على غرار التواصل communication. فالقردة من بين الكثير من الكائنات الحية تتمتع بذكاء عال، ويبدو أنّها تستخدمه to make use of كما أنه يمكنها تعلّم مظاهر كثيرة من اللغة البشرية، لا كلّها. ولذلك يبدوا أنّ الذكاء واللغة أمران متلازمان عند الحيوانات، على الرغم من أنهما غالبا ما يظهران منفصلين عن بعضهما البعض.

   وكذلك، من الواضح، بطريقة يصعب تصوّرها، أنّ تغيرا فرديا - أو سلسلة من التغيرات البسيطة series of small لكنّها دالّة ومترابطة التغيرات – يُحدث في العرفان البشري واللغة البشرية كما فهمناهما في نفس الوقت تقريبا- ما يحيل عليه Chomsky بالضبط بـ "القفزة الأمامية الكبرى Great Leap Forward"، تلك القفزة التي تحاك حولها بعض القصص story المعقولة من الناحية المنطقية حول كيفية إمكانية تجلّي النحو الكلّي تحت تأثير الوقائع facts المعروفة ومبادئ التطوّر الأولي principles of primate evolution. نحن نتحدّث أيضا حول وجود انتقال إلى الإنسان الحالي homo sapiens (كما لو أنّه سلاسل لم تكن ذات أهمية مطلقا في التحويلات السابقة as well as an ever-more-interesting series of earlier transitions) وهو انتقال يتضمّن كلاّ من اللغة والعرفان؛ أنا لست على علم حتّى بأطروحة تطرح مسبقا انتقالين مختلفين للتطوّر، تتضمّن إحداهما العرفان ومن ثم (على مستوى تعديلversion تشومسكي لأطروحة الاستقلالية autonomy thesis) تتضمّن الانتقال الأخير later transition اللغة language إلا أنّه بطريقة أخرى لم يتضمن عملية التكوين الانقسامي speciation. وعلى غرار الكثير من آليات machinery تشومسكي، سيكون هذا التطوّر وحيدا وفريدا إلى حدّ بعيد في التاريخ التطوّري evolutionary history، في حين انّ الحل النسبي السريع للغة والعرفان معا، على الرغم من أنّه تطوّر لا يمكن لنتائجه أن تكون قد استكشفت بما في الكلمة من معنى، فإنّه يبقى أكثر وضوحا، وأكثر مباشرية straightforward، وأكثر معقولية في تاريخ تطوّر التنمية البشرية human development.
   فالأطروحات المستقلّة، وبالخصوص في صيّغها القوية، تضع إذاً بطريقة مفاجئة الوظيفيين إلى جانب المعقولية/الاحتمالية البيولوجية والتطوّرية biological and evolutionary plausibility، في حين أنّه أيضا لا يوجد شيء يضعهم في وجهة النظر الّتي لا شيء فيها بالخصوص كان قد تلاءم في دماغ brainالإنسان مع  اللغة[7]. وهكذا ففي سلاسل من المحاولات الجديدة، على سبيل المثال، (ص33) ناقش Givónمسألة وجود روابط مغلقة close ties بين الملكة اللغوية language capacity والطرق الّتي يعالج بها الإنسان المعلومة المرئية visual information، إذ أنّ "مجمل الأنظمة العصبية neurological mechanisms الّتي تساعد على تعلّم اللغات وتبادلها بين الأفراد change in humans قديمة ومعممة وظيفيا functionally generalized من جهة عملية النشوء والارتقاء النوعي والعرقيphylogeneticlly" (Givón 2002، ص36). 

فعلى الرغم من أنّ أجزاء الدّماغ brain كانت تتكيّف مع اللغة والعرفان في فترة الانتقال إلى الإنسان الحالي Homo sapiens، فإنّ ذلك لا يجعل من الإنسان طرفا مختلفا عن كل الحيوانات الأخرى كما أنّه لا ينشئ بشكل تام عضوا جديدا للغة مختلفا عن أجزاء الدّماغ الأخرى ومنفصلا عنها. فضلا عن أنّ، فليست الأنظمة المتعلّقة باللغة الطبيعية human language جديدة ولا مميّزة specific للغة مّا وإنّما تمّ تجديدها recruited في الاستعمال اللغوي الجديد the novel linguistic use انطلاقا من مجالات سابقة للغة pre-linguistic، سهلة الانقياد، متعدّدة الوظائف. والكثير من هذه المجالات لا يزال يقوم بوظائفه القديمة السابقة للغة. وفي ما يتعلّق بمجالات المعالجة اللغوية language processing يمكن لهذه الأنظمة أن تحافظ على الدوام على الكثير من خصائصها القديمة. (Givón 2002، ص36).
 
فإذا ما أردنا فهم اللغة في معناها الكامل full sense، يجب علينا أن نعرف لا فقط ما يتمّ تغيّره في الدّماغ البشري من أجل تمكين enable الشيء الّذي نطلق عليه تسميه لغة، وإنّما ما كانت تمثه كلّ الأنظمة الّتي كانت موجودة في السابق وما كانت ولا تزال أيضا تستعمل له أو ما كان قد أعيد القصد منه بالنسبة إلى اللغة والعرفان. فلنتساءل بكل بساطة، عما إذا كان الرعيل الأوّل السابق للإنسان pre-human primatesقادرا على التفكير على الطريقة البشرية أم لا، وعما إن كان التفكير البشري human thinking ينبني على أو يتضمّن الرعيل الأوّل والقدرات العرفانية للثدييات؛ إذ أنّهما لا يمثّلان صنفا منفصلا تمام الانفصال، وعما إن كانت اللغة الطبيعية مبنية بطريقة مماثلة على أبنية عرفانية لها وجود ملموس. 

4- البيولوجيا والتطوّر اللغوي في البرنامج الأدنوي.
   على الرغم من أنّ هذه المسألة كانت برنامجا من برامج البحث المذكورة، يوجد توكيد شديد الوضوحrhetorical re-emphasis في البرنامج الادنوي MP على ما يسميه Chomsky بـ "المنظور البيولساني biolinguistic perspective"- (Chomsky 2005، ص1) الّذي "بدأت ملامحه ترتسم قبل 20 سنة مضت [يعني، منذ 1954، أي منذ 20 سنة قبل نقاش 1974 في MIT "ذلك النقاش الّذي دار حول اللسانيات البيولوجية"] ضمن نقاش دار بين بعض الطلاب المتخرّجين graduate students الّذين تأثّروا كثيرا بالتطورات developments الّتي حصلت في البيولوجيا وفي الرياضيات لسنوات سبقت الحرب العالمية الثانية"، ومن بين هؤلاء الطلاب نذكر Eric Lennenberg (Chomsky 2005أ، ص1). وكأنّ Chomsky وضعه (النفاش) "من بين الأسئلة الأساسية التي تمّ التطرّق إليها من خلال وجهة النظر البيولوجية، وكأنّه امتداد لتلك المبادئ اللغوية الواضحة princilles of language ... تلك المبادئ الفريدة في هذا النظام العرفاني أو المشابهة لـ"تراتيب شكلية formal arrangments" وجدت في مجالات عرفانية أخرى عند الإنسان أو في أنظمة organisms أخرى" (Chomsky 2005أ، ص ص1-2). وعلى الرغم من أنّ ذلك يعتبر من دون شك طريقة لحصر أطروحة الاستقلالية، فإنّه أيضا يكاد بالفعل يتطابق مع الموضوع الرئيسي لـ Givón وآخرين كانوا قد ناقشوه في أعمالهم الأخيرة، رغم بالطبع تتبّعهم له من خلال مختلف وجهات النظر: فبينما يهتم Chomsky بعمق بالمسألة فقط من جوانبها اللغوية الّتي لا تتعلّق بالخدمة الموجودة أو بطريقة أخرى [تلك الجوانب التي لا تتعلّق] بالأبنية والسعات العرفانية الهامةpurposeful cognitive structure and capacities، يهتم بعض الوظيفيين من أمثال Givónبالنظر في الأجزاء اللغوية الّتي تتفاعل مع بقية الأجزاء العرفانية. وانطلاقا من هذا الإطار، يتّضح بطريقة مفاجئة أنّ الشكلانية formalisme والوظيفية أصبحتا قسمين من مشروع واحد أكثر منهما مشروعان يتنافسان في نفس المجال، وبصورة أخص لأنّ Chomsky لا يبدو أبدا أنّه يلحّ على أنّ اللغة – بالإضافة إلى – رأس المال – L – بعض هذه الأمور يمكنها أن تكون – متكوّنة بالخصوص من وظائف منظوميةmodularized functions لا تخدم أي هدف غير لساني.

   وبالفعل، من خلال نظرة تصنيفية للأسئلة الحالية الّتي يجب أن تكون اللسانيات قد تطرقت إليها، حدّدChomsky الأسئلة ذات الاهتمام الكبير بالمقولة التي كان قد اعتبرها بصعوبة في أعماله الأولى:
    فلنعتبر أنّ للملكة اللغوية الخصوصيات العامّة للأنظمة البيولوجية الأخرى، لذلك يجب علينا أن نبحث عن العوامل الثّلاثة الداخلة في نمو growth اللغة عند الفرد:

1-                الوقف الجيني genetic endowment، وهو على ما يبدو وحد انتظام للأنواع تقريبا، يؤوّل جزءا من المحيط الخارجي environment باعتباره تجربة لغوية linguistic experience، مهمة غير عادية بواسطتها يتحقّق الطفل انعكاسيا، وتحدّد الدرس العام المتعلّق بتطوير الملكة اللغوية. ومن بين العناصر الجينية، يمكن للبعض أن يفرض حدودا حاسوبية computational limitations تختفي بطريقة عادية بواسطة عملية النضج maturation الجيني الزمانية timed. وقد حافظ Kenneth Wexler ومشاركوه على الإكراه الواضح لوجودهم ضمن عملية النمو اللغوي growth of language، ومن هذا المنطلق قاموا بتوفير الدليل التجريبي empirical evidence لما يطلق عليه Wexler تسمية "حلمLeenenberg.

2-                الخبرة الّتي تقود إلى التغيّر، ضمن نطاق ضيّق إلى حدّ ما، هي حال الأنظمة الفرعيةsubsystems الأخرى للقدرة الإنسانية وللكائنات الحية عموما organism generally.
3-                مبادئ غير مميّزة للملكة اللغوية. (ص34)

    يقع العامل الثالث في أنماط فرعية عديدة: (أ) مبادئ تحليل المعطيات الّتي يمكن استعملها في عملية اكتساب اللغة وفي مجالات أخرى؛ (ب) مبادئ الهندسة البنيوية والقيود التنموية الّتي تدخل في شبكة القنوات، أي الشكل العضوي organic form، والعمل على نطاق واسع wide range، بما في ذلك مبادئ الحوسبة الفعّالة الّتي يتوقّع أن تكون ذات دلالة خاصة للأنظمة الحاسوبية كاللغة مثلا. فهذه هي المرّة الثانية الّتي يجب فيها على هذه المقولات الفرعية أن تكون ذات دلالة خاصّة في تحديد طبيعة اللغات القابلة للتحقّق. (Chomsky 2005، ص6).

   يمكن القول إن المشروع التشومسكي الكامل والأدنوية بالخصوص قد تمّ تكريسه بالخصوص لما يطلق عليه Chomsky هنا، الصنف 1: الموهبة الجينية المميّزة للغة the specific genetic endowment for language. ومع ذلك فإنّ الأدنوية لم تهتمّ كثيرا بهذا المشروع على غرار اهتمامها بمبادئ الصّنف 3، تلك المبادئ " التي لا تختصّ بالملكة اللغوية"، وإنّما بالمواضيع المتمحضة للاهتمامات التحليلية. 
   في مقال جديد في يومية Science Written نشره عالمان من علماء الأحياء (Hauser et al.2002)، لم تتمّ فيه مناقشة البرنامج الادنوي MP بطريقة واسعة، كشف Chomsky عن مدى تغييرchifted تفكيره بصورة دراماتيكية على مستوى البحث اللساني linguistic inquiry، والطبيعة اللغوية كما نتلقاها في العالم، والطرق الّتي من خلالها تتواجه المشاريع التشومسكية مع سائر البحوث العلمية. تمتلئ الأعمال التشومسكية بالفروق/الثنائيات distinctions (كتلك الّتي نجدها بين اللغة الداخلية I-language،واللغة الخارجية E-linguage، وبين البنية العميقة والبنية السّطحية، وبين القدرة competenceوالإنجاز performance) تلك الفروق الّتي يبدو أنّ جزء منها مدفوعا برغبة في إيجاد جنس من أجناس المحرّكات الحاسوبية computational engine تحت تأثير التفصيل الفوضويmessy  للممارسة السوسيولغوية. ويبدو أنّ Chomsky هنا يثير لأوّل مرّة في كتاباته المنشورة، الفرق الذي بمقتضاه يتّضح الآن أن الأجزاء اللغوية "الفوضوية على الأقل" قابلة لنقاش جوهري للغة الطبيعية على كلّ حال. ويميّزHauser، وChomsky، وFitch بين الملكة اللغوية بالمعنى الواسع faculty of language-broad sense (FLB) والملكة اللغوية بالمعنى الضيّق faculty of language-narrow sense (FLN)، وهو تمييز يشبه إلى حدّ بعيد الفروق القديمة وخاصّة خلاف الفلسفة التحليلية القائم بين المحتويات الواسعة والضيّقة. ولكن عند وصف النظامين يكتب بعض المؤلفون، بتلخيصهم بصورة ضيّقة للمواضيع في الأعمال التشومسكية الجديدة الخاصّة بالبرنامج الأدنوي MP:

     تتضمّن الملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB نظاما حاسوبيا داخليا وتتربط (الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN أسفله) على الاقلّ بنسقين organism آخرين- نظامين داخليين، نطلق عليهما تسمية "النظام الحسي الحركي SM" و"النظام التصوّري المفهومي CI".  وعلى الرغم من النقاش القائم حول الطبيعة الدّقيقة لهذين النظامين، وحول موضوع ما إذا كانا مقسّمين جوهريا بين حيوانات فقارية أخرى أو أنّهما تمّ تكييفهما فقط لمتطلّبات اللغة، نأخذ على سبيل المثال بصورة غير قابلة للنقاش وجود بعض القدرات البيولوجية الإنسانية التي تسمح لنا (وقد لا تسمح، على سبيل المثال، chimpanzees) بإتقان أية لغة طبيعية بطريقة بسيطة دون أيّة تعليمات واضحة. تتضمّن الملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB هذه القدرات، ولكنّها تقصي أنسقة داخلية organism-internal أخرى أنظمة ضرورية ولكنها ليست كافية للغة (ومثل، الذاكرةmemory، التنفّس respiration، الهضم digestion، الدورة الدموية circulation، إلخ).

     وأمّا الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN فهي بمثابة النظام اللغوي الحاسوبي المجرّد الوحيد الّذي يعتبر مستقلاّ عن سائر الأنظمة الأخرى المتفاعلة والمتواجهة interfaces. وهي (أي الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FL) مكوّن component من مكوّنات الملك اللغوية بالمعنى الواسع FLB، وهي النسق الفرعيmechanisms underlying الذي يعتبر مجموعة فرعيا subset لتلك الأنسقة الفرعية للملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB.
     وبعضهم الآخر قد اقتنع بالحاجة إلى المعنى المحدود "للغة" إلاّ أنّه أومأ إلى أوصاف مختلفة. وقد قبل Lieberman [Philip] (1984) هو ورفقاؤه أنّ الأنظمة الحسية الحركية sensory-motor systemsالتي اتفقت بصفة خاصّة مع اللغة، يجب أن تعتبر جزءً من الملكة اللغوية الضيّقة FLN. وغالبا ما توجد إثباتات holding تقليدية طويلة تتمثّل في أن الأنظمة التصوّرية المفهومية CI تمثّل جزء جوهرياintrinsic من اللغة بالمعنى الضيّق. وفي هذا المقال نترك هذه الأسئلة مفتوحة، ونحصر انتباهنا في الملكة اللغوية الضيّقة FLN كما لو أنّها قد تمّ تعريفها تاركين إمكانية وجود تعريفات أكثر شمولية مفتوحة على بحوث تجريبية بمستوى أوسع. (  Hauser et al2002، ص ص1570-1571؛ تأكيد إضافي). 

   ويعتبر هذا منعرجا about-face لافتا للانتباه من الناحية البلاغية لكل الكتابات السابقة لتشومسكي تقريبا، تلك الكتابات الّتي بها تتحقّق بالضبط إمكانية كون النظام الحسّي الحركي SM والنظام التصوّري المفهومي قسمين "جوهريين" للملكة اللغوية الضيّقة FLN الّتي تعتبر بمثابة المنفذ. وعلى خلاف البرامج السابقة للبرنامج الأدنوي، يذكر Chomsky في هذا المقال على نحو دقيق أنّ أبحاثه الحالية يمكنها أن تكون منسجمة مع النظرة القائلة بأنّ أيّ قسم من أقسام النظام الحسّي الحركي SM أو النظام التصوّري المفهومي CIيمكن أن يكون جزء ممّا يسميه الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN أو ما كنّا قد أسميناه بصفة غير رسمية "لغة الشارع language all the way down": يعني ذلك أنّه لا يوجد أيّ قسم في الملكة اللغوية الإنسانية human language capacity لا يأخذ أنظمة من القدرات العرفانية الأخرى – أو، يقوم بوضعها في Hauser، أوChomsky، أو في حدود Fitch- باعتبار أنّ الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLNوالملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB يمكنهما أن تكوّنا قسمين كبيرين أو حتّى متطابقتين بشكل تام. (ولم يتمّ ذكر ذلك بالفعل من طرف اللسانيين، إذ أنّ Lieberman (1984) في كتابه نقاش حول بيولوجية نظام الخطاب، إضافة إلى عمل آخر له قد تمّ عرضهما على أنّهما حجة مضادّة counter-argument قوية باعتبار أنّ الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق تتمثّل في كلّ ما يعتبر وجهة نظر perspective توليدية. (ص35)

   وهكذا حيث اشتهر Chomsky في أعماله الأولى باعتبار أنّ اللغة في معناها الواسع ليست سوى تلك الأقسام المتعلّقة بالملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN والّتي يمكن تمييزها من سائر عناصر الدماغ، ويبدو أنّه في الآونة الأخيرة بدأ يدافع عن أطروحة أقلّ أقلّ إثارة للجدل بكثير، أي أنّ الملكة اللغوية FL تتضمّن بكل بساطة بعض الأنساق الّتي تمّ تكييفها مع اللغة، وأنّ هذه الأنظمة يمكنها حتّى أن تستعمل استعمالات أخرى في الدّماغ. وبالفعل، فإنّ مثل هذا النوع من التسليم admission متضمّن في بلاغة البرنامج الأدنوي بما أنّه يوجد "تقليد قديم a long tradition" يعتقد في إمكانية وجود ارتباط قوي لبعض أجزاء من النظام التصوّري المفهومي CI باللغة، وأنّه سيكون صعبا إذا لم يكن مستحيلا فتح اختلافات مبدئية على أيّ مستوى من المستويات بين هذه الأنظمة، بما أنّها تستفيد من بعضها البعض باستمرار. لا يمكن القول إنّ هذا "التقليد القديم" الّذي لا يقدّم Chomsky حوله أية حجج مضادة أنّه بالضبط نفس النمط الفكري الذي توحي به الوظيفية، ولكن يصادف أن يحدث التقاط بالضبط لأفكار الفلاسفة واللسانيين الّذين يتعارضون مع المسار التوليدي لا فقط من ناحية المظاهر التحليلية analytic aspects للأعمال التشومسكية وإنّما بالتحديد مع خلفياته الفلسفية philosophical commitments-تلك التعهّدات أو الخلفيات (حسب بعض الفلاسفة واللسانيين) غير مشجّعة unmotivated أو على الأقل دون ذلك في ما يتعلّق بالحدس الّذي يمكن لبعض المستويات العميقة للغة some deep level language أن تنفصل عن أقسام عرفانية وتواصلية أخرى (أنظر Katz (1996)، Katz وPostal (1991)).

   لقد اهتمّ Hauser et al (2002) بالدرجة الأولى وبصورة شهيرة بالأسئلة الدائرة حول التكرارrecursion واللامحدودية الخفية discrete infinity اللتين فتنتا Chomsky من البداية وتوسّل بهما في أدبيات البرنامج الأدنوي MP: "لماذا يستطيع الإنسان اكتساب القدرة على التكرار recursion من أجل إنشاء نظام للإتصال قابل للتعديل لا حدّ له an open-ended and limitless system of communication، في حين أنّ بقية الحيوانات لا تستطيع ذلك؟ لماذا يتشكّل نظامنا التكراري على نطاق واسع من العناصر أو الدخلات inputs (مثل، الأعداد، الكلمات) خلافا لحيوانات أخرى؟" (Hauser et al. 2002، ص1578). وهنا أيضا تعتبر الإجابة مذهلة: إذ توجد إمكانية واحدة متناغمة مع التفكير الحالي للعلوم العرفانية، توحي بأنّ التكرار عند الحيوانات يمثّل نظاما منظوميا modular system يعيّن وظيفة خاصّة (كالإبحار مثلا) وغير قابل للاختراق في ما يتعلّق بالأنظمة الأخرى. وخلال فترة التطوّر يمكن للنظام المنظومي و المجال الأعلى المنظومي للتكرار highly highly domain-sprcific system of recursion أن يصبحا قابلين للإختراق ومجالين عامين domain-general (Hauser et al. 2002، ص1578،  تأكيد إضافي). والآن، حتى إن تمّت مخالفة التمشّي الّذي تمّ تقديمه سلفا في المقال، فإنّ الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق نفسها – أو التكرار المحض كما أوحي إلى ذلك المقال عدة مرّات – يمكن أن تكون خاصية من خصائص قدرات capabilities المجال-العام أكثر من كونها نظاما عالي التخصّص غير قابل للاختراق تماما في ما يتعلّق بنظم الأخرى. مثل هذه الأفكار ليست ذات أهمية كبرى في الفلسفة ولا حتّى في اللسانيات، ولكنّها في البرنامج التشومسكي، مثّلت في الآونة الأخيرة شيئا يكاد أن يكون لعنة anathema.

   وهكذا، أينما نظرنا في ماضي Chomsky نجد أنّ الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN بالنسبة إليه كانت هي موضوع الاهتمام والمقدرة اللغوية الوحيدة، مثلها في ذلك مثل عملية التكرار الّتي تمّ تمثيلها بواسطة هندسة شكلية مركّبة complex formal architecture، إذ أنّ الملكة اللغوية FL التي كان لها حضور حقيقي إن لم يكن حضورا ضروريا  يمكن رصدها في دماغ brain الإنسان، وأمّا بالنسبة إلى Hauser، وChomsky، وFitch تعتبر الملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB مشابهة إلى حدّ بعيد للملكة اللغوية القابلة للإدراك the recognizable language faculty الّتي نجدها في العمل الخاصّ بـ  Givón et al.وفلاسفة آخرون من أمثال Putnam، وWittgenstein، ويمك حتّى إضافة Kant، إذ يعتبرون أنّ عملية التعيين identification وعملية تتبّع قدرة واحدة وخاصّة في اللغة العازلة أمر غير شرعي على الأرجح. وبالنسبة إلى Hauser، Chomsky، وFitch، تعتبر اللغة شيئا لم يوجد عند Chomsky سابقا على الإطلاق، وقد بنوا على ذلك وضمّنوه مجموعة من القدرات العرفانية العامّة، تلك القدرات العرفانية التي ظهر الكثير منها إن لم نقل أغلبها عند الكثير من الفقاريات، من ذلك المحاكاة الصوتية vocal imitation، إنتاج الأصوات وتمييزها sound production and discrimination، ونظرية الدماغ theory of mind، والعدد number، و"الآليات المشتركة بين مختلف مجالات العرفان shared mechanisms across different cognitive domains" (Hauser et al. 2002، ص1573). لا فقط من خلال هذه القائمة المطوّلة من القدرات، وإنمّا من من خلال قوائم أخرى تبتعد عن اللغة- مثل التعرّف الوجهيfacial recognition، التعرّف على الإيماءة gesture recognition (Hauser et al. 2002، ص1574)، والإبحار الفضائي والبحث عن المقدرة foraging ability (Hauser et al. 2002، ص1574)- يمكنها أن تلعب أدوارا خطيرة critical في تطوّر اللغة وفي الحالة الآنية للملكة اللغوية البشريةhuman FL.
   وإذا ما انطلاقا من توجه نقدي معيّن، نجد أنّ هذه الأمور لا تختلف بالضبط عما يوجد في النظرية الوظيفية  – والّذي ينبغي  فهمه هنا، أيضا، ليس النظرة القائلة بأنّ كلّ مظهر من مظاهر اللغة له طريقة ملاءمة relevance وظيفية خاصة في مختلف مظاهر التواصل، وإنّما أيضا أنّ اللغة باعتبارها وحدة كاملة أو باعتبارها لغات مخصوصة specific languages تتطوّر develop في جزء هام منها لتربط بين مختلف الحاجيات التواصلية والعرفانية والإجتماعية. قد تكون هذه الحاجيات في بعض الأحيان بعيدة المنالremote جدا، وأحيانا أخرى قد يتمّ تطوير السمات التمييزية particular features لأسباب يتعذّر تتبّعها من أجل تحقيق الحاجيات الخاصّة للجميع - وهي عملية يسميها علماء ثوريون evolutionary scientists وبعض اللسانيين في الآونة الأخيرة كـ Hauser، وChomsky، وFitch، بـ "exaption"، باعتبارها مقابلة لعبارة تكييف adaptation. وانطلاقا من هذا التوجّه النظري القائم على عمل قام به Stephen Jay Gould وRichard Lewontin (أنظر Gould و Lewontin(1979)، Gould(1997)، فإنّ الـ exaptions تفسيرات ثورية evolutionary explenations، إلاّ أنّه لا يمكن إدراكها بطريقة مباشرة على غرار التكييفات إذ لها هدف وحيد، إلاّ أنّها يمكن أن تعكس سمات عدّة أهداف متكرّرة repurposings تلك السمات الّتي تمّ تطويرها developed لأسباب تكييفية لا يمكن حتّى التسليم بها لمدة طويلة. يسلّم معظم الوظيفيين دون تعصّب بأنّه يمكن للكثير من المظاهر اللغوية أن تظهر للعيان من خلال عملية مثل عملية exaption، ولكنّ هذا الموقف view كان قد تمّ تبنيه على نحو نموذجي على أنّه حجّة مضادة counter-argument قوية لبرنامج Chomsky الشكلي (Bouchard (2005) على سبيل المثال)، أكثر من كونه قد جزء من أجزاء توجهه الشكلي بصراحة. (ص36) 

5- البرنامج الأدنوي MP وطبيعة الملكة اللغوية FL.
   يضبط البرنامج التشومسكي كما تمّ تحديده في أدبيات البرنامج الأدنوي مواضيع objects ومناهجmethods البحث اللساني بطريقة لافتة للنظر تماما. إذ أنّ ما لا يزال still تشومسكي يسمّيه بالنحوالكلّي UG "ينبغي أن يجهّز، أولا، بقوائم جرد مبنينة للمفردات المعجمية الممكنة، متصلة فيما بينها أو من المحتمل أن يكون مطابقا للمفاهيم الّتي تمثل عناصر "القوى المعرفنة[8] cognoscitive""(Chomsky 2005أ، ص4)؛ وإذا ما كانت اللغة، بطريقة أخرى نظاما من القواعد الحاسوبيةcomputational system of rules العاملة على سلاسل من المواضع الذرّية الخفية، الذرية نسمّيها عادة كلمات، فإنّه من المتوقّع الآن أنّ جزء الدّماغ المسئول عن المعجم – بمعنى المكوّن الفيزيائي الأكثر بروزا للملكة اللغوية – يوجد بالفعل في التصوّر المفهومي CI (ولذلك فهو جزء من الملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB)، لا الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN. ويتمثّل المكوّن الثاني للنحو الكلّي UG في "يعتبر وسيلة إنشاء للعناصر المعجمية أي التنوّع المطلق infinite variety  للأبنية الدّاخلية الّتي تدخل في التفكير thought، التأويل interpretation، التخطيط planing، والأعمال الذهنية الأخرى (Chomsky 2005أ، ص4). ويبدو أنّه يشبه إلى حدّ بعيد النظام الحاسوبي Computational system  للملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN. ولكن في هذا العمل الأخير يوجّه Chomsky نظره إلى التاريخ الكامل للنحو التحويلي TG وإلى مقترحاته حول الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN ودورها في النحو الكلّي UG (وبالفعل في العمل الأوّل، سيتمّ العفو عمّن يعتبر أنّ النحو الكلّي والملكة اللغوية شيئا واحدا). والآن يكتب Chomsky في البنية المنطقية للنظرية اللغوية logical structure of linguistic theory LSLT (وهي مراجعة لوثيقة 1955 الّتي اقتبس منها مقتطفات من خطبته dissertation Comsky 1957 -، تلك الخطبة التي لا تزال صامدة مثلها في ذلك مثل النسخة الموّسعة the most extensive version لنموذجه الأصلي في النحو التحويلي TG)، "الإفتراض assumption ... المتمثّل في أنّ المستويات العليا للوصف اللساني، بما في ذلك الصرافم morphemes، قد تمّ تحديدها من خلال خطة عامة general format لأنظمة القواعد الّتي يشترطها provided النحو الكلّي UG، وهو اختيار من بين الاختيارات من حيث الإجراء الحاسوبي computational procedure الّذي يتطلّب التحيين الأمثلي optimal instantiation، وهو مفهوم تمّ تحديده من حيث مبادئ النحو الكلّي المرتبط بالتعميم الدلالي UG principles of signifcant generalization" (Chomsky 2005أ، ص7). وما دام هذا البعد النظري العام general perspective قد تمّ استمراره على مستوى النظرية المعيار standard theory، والنظرية المعيار الموسّعة EST/Y في نهاية الـ 70 نيات، وهو عمل قام به Chomskyوالكثير من رفقائه كـ Richard Kayne، Howard Lasnik، وآخرين "قد بلوروا  crystallized شبكة المبادئ والمقاييس P&P framework في مقاربة تختلف جذريا عن النحو الكلّي UG،  الّذي ... يسعى إلى إقصاء تام للخطة الهيكلية format framework، والّذي بواسطته هيمن المفهوم القديم للقواعد والبنى الذّي تمّ تناوله بشكل مكثّف تقريبا على مستوى النحو الكلّي UG" (Chomsky 2005أ، ص8، تأكيد إضافي). لا يمكن لهذا النسخة التاريخية أن تكون سائغة لأتباع النواة الصلبة hard-core في التوليدية الكلاسيكية، مثل الفكرة القائلة بأنّ النحو الكلّي UG بطريقة مبدئية عالية البنينة some pricipled way highly structured، يعتبر جزء مما تمّ التفكير فيه لتمييز الشكلانية من الوظيفية، وإلى حدود ظهور البرنامج الادنوي MP لم يكن من الواضح أن Chomsky يعتبر أن نظرية المبادئ والمقاييس P&P بمثابة "القاصي الكلّي الخطة الهيكلية format framework "، رغم أنّ تلك كانت الطريقة الوحيدة لتفسير المقاربة.

   ألقى Chomsky عملية التنازل abandoning عن "الهيكل الشكلي" كما هي الحال عند إلغاء قسم من أقسام النحو التحويلي TG الذي يعتبر "تصوّرا تقليديا للقواعد والأبنية والّذي كان قد تمّ تناوله بشكل مكثّف تقريبا على مستوى النحو التحويلي"، ولكن يعتبر ذلك من حيث النقاش بمثابة وجهة النظرة الاستثنائية الصارمة والشكلية للقواعد والتراكيب contructions الّتي ميزت ما قبل نظرية المبادئ والمقاييس pre-P&P، وما قبل النحو التوليدي التحويلي من المقاربات اللسانية الأخرى، وبالفعل فإنّ المبادئ والمقاييس والبرنامج الأدنوي هما النظريتان الملائمتان للمفاهيم اللسانية القديمة أكثر من كونهما نظريتين سابقتين لها. وللابتداء ، بنظريتي المبادئ والمقاييس والتحكم والربط GB اللتين كانتا قد طوّر قسم من أقسامهما من أجل الملائمة مع أكثر مقدار ممكن من الاختلافات التصنيفية الّتي تمّ تقديمها مؤخرا من طرف بعض اللسانيين من أمثالKenneth Hale للتأثير على الجهاز التوليدي generative apparatus. ففي النحو التوليدي التحويلي السابق، "يوجد "موقف تأويلي طبيعي natural position of interpretation" لكل مفردة (Chomsky 1998)، ويعتبر هذا "الموقف التأويلي الطبيعي" أحد العناصر الّتي تشغله عناصر متشابهة في الجملة حيث يتمّ التعبير عن العلاقة الدلالية من خلال علاقات نحوية "طبيعة من الناحية المفهومية". "وعلى العموم يصادف أن يتطابق هذا "الموقف التأويلي الطبيعي" مع الموضع السطحي الإنكليزي English surface position" (Bouchard 2005، ص1687). وقد سمحت المبادئ والمقاييس على الأقل للشكلانيين باقتراح مفاده أنّه يمكن أن يوجد شيء طبيعي في ما يتعلّق باللغات الّتي لا تتبع نفس البنية الإعرابية للغة الإنكليزية، وهو شيء تواصل بصفة ملحوظة فضلا عن كونه قد استمرّ طوال المراحل السابقة للنحو التوليدي التحويلي.

   ففي البرنامج الأدنوي، بالخصوص، قد ذكرنا أخيرا الآن أنّ " خططا formats" كهذه يمكن أن يتمّ إلغاؤها discarded. والآن وقد أعتبر ذلك تغييرا ملحوظا للنسخ versions السابقة للدراسات اللغوية التشومسكية، وحاجزا ضدّ وجهات النظر المتعلّقة بالمبادئ والمقاييس، والتحكم والربط الّتين يلاحظ أنّهما تستمرّان في الإبقاء على نواة تحويلية قوية بالنسبة إلى النظرية النحوية (على الرغم من أنّ ذلك كان دائما موقفا متحيّز). يعتبر "الإكتساب"، بالنسبة إلى ما يكتب Chomsky الآن حول المبادئ والمقاييس، "قضية من القضايا المتعلّقة بفحص المقاييس ولذلك تمّ فصلها تماما عن الخطة المتبقية من النحو grammar: أي مبادئ النحو الكلّي. ومن هنا لا يوجد أي حاجز تصوّري يوحي بأنّ النحو الكلّي بإمكانه أن يُختزل reduced في صيغة أكثر بساطة، وأنّ الخصائص الأساسية للأنظمة الحاسوبية اللغوية يمكن أن يكون لها تفسير مبدئي عوضا عن أن يكون لها شرط  متعلّق بخطة ما للغة ما عالية التقييد بالنسبة إلى الأنحاء highly restrictive language-specific format for grammars" (Chomsky 2005أ، ص8). وحتّى أنّ الموالين لـ Chomsky أثناء متابعة ندواته الأخيرة (Chomsky 2005أ، على سبيل المثال) قد قاموا بردود فعل مفاجئة عندما استمعوا إليه في تقرير كهذا التقرير، لا أزيد من ذلك ولا أقلّ، لأنّه (Chomsky) يتحدّث الآن حول "تفسيرات مبدئية principled explanations" ليست خاصّة باللغة، ولأنّه التمسّك بالقوى العرفانية غير اللغوية في كلّ (ص37) لغة من اللغات إلى حدّ الساعة كان سمةhallmark من سمات معارضي opponents تشومسكي، بالرجوع قدر الإمكان إلى انشقاق الدلالة التوليدية إن لم يكن أبعد من ذلك (Harris 1995، وانظر كذلك Culicover وJackendoff (2005، صص94-102)).

   ومهما كان Chomsky اليوم لا يشك ببساطة في أنّ القدرات العرفانية cognitive capacitiesوالفرد بوجه عام يمكنهما أن يساهما بقدر كبير في البنية اللغوية، لكنّه (تشومسكي) جاء راغبا في الإقصاء الصريح explicit elimination لأيّ شيئ يشبه الملكة اللغوية المبنينة structured FL، على الرغم من استعماله المستمرّ لهذا المصطلح، (بطريقة ملتبسة، لأنّه يستعمله تارة للإحالة على الملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB وتارة على الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN، وتارة يصعب تحديد أيّ الموضوعين يقصد به). وانطلاقا من هيكل البرنامج الأدنوي، يذكر Chomsky ما يلي:
     يجب على العمليات المكوّنة لعبارات مركّبة أن لا تتركب سوى من إعادة تنظيم للآليات الّتي تجري عليها، لا بتغييرها داخليا بواسطة شطب عناصر جديدة أو إضافتها. وإذا ما أمكن الدفاع عن ذلك، فإنّه يقلّل بحدّة التحميل الحاسوبي computational load: أي أنّ ما تمّ إنشاؤه مرّة يمكن "نسيانه" في الحوسبيات اللاحقة، باعتبار  أنّه لن يتغيّر أبدا. ذلك هو أحد الحدوس الأساسية الواقع خلف مفهوم الحوسبة السلكية cyclic computation. إذ ينتهك منوال نظرية المعيار الموسّعة EST/Y بالإضافة إلى مقاربات أخرى هذا الشرط على شكل واسع، باللجوء إلى منع المستويات، والآثار traces، والأدلة indices، والوسائل الأخرى الّتي تغيّر الأدوات المعطاة given objects وتضيف عناصر جديدة. وهناك مسألة ثانية إذاً، تتمثل في ما إذا كانت كل هذه التكنولوجيات قابلة للحذف، وما إذا كانت الوقائع التجريبية قابلة للتفسير المبدئي principled explanation بالإعتماد على "عدم التأثيرno-tampering" وهو شرط الحوسبة الأساسي. (Chomsky 2005أ، ص11).
   وبقدر ما أنّ هذا الأمر واضح تمام الوضوح بالطريقة الّتي ذكرنا، باعتبار لجوئه إلى التسلّل إلى تعريف البرنامج الأدنوي MP الّذي ينبغي أن يكون قد تمّ استقباله بشيء من الاشمئزاز في قسم من أقسام هذا العالم الثقافي المرتبطة بنسخة النحو التوليدي التحويلي TG السابقة، لأنّ ما يقترح Chomsky وجوب "إقصائهeliminated" من روح البرنامج الأدنوي يكاد يكون كل الآليات الّتي كان قد تمّ تطويرها سابقا من طرف النحو التشومسكي. 
     وهكذا انطلاقا من توجّه أساسي ما، يعتبر ما تمّ اختزاله من البرنامج الأدنوي MP بالضبط هو الجهاز الحقيقي الّذي بذل فيه Chomsky الأربعينية الأولى من بناء حياته لسانيا؛ فما تمّ إقصاؤه هو النحو التحويليTG  بذاته: تطرح أسئلة أخرى حول تنوّع هذه العمليات- بنية المركب phrase structure، التحوّلات transformations، إعادة البناء reconstruction إلى غير ذلك، وحول الاعتماد الجوهري على مفاهيم كمفهوم التحكم government الّذي لا يبدو انّه يمتلك أية بواعث مبدئية؛ وحول الكثير من المبادئ الّتي تصعب صياغتها باستثناء الملكة اللغوية بصفة خاصّة. ويتمثّل السؤال العام في، إلى أيّ مدى يمكننا أن نتقدّم في إظهار أنّ كلّ [تقنية مميّزة للغة ما] لغة-تقنية مميزة language-specific technology كهذه قابلة للانخزال في تفسير مبدئي؟ (Chomsky 2005أ، ص11). 
   والآن، فالحاسوب الأعلى بنينة للملكة اللغوية بالمعنى الضيّق highly structured computer FLN الّذي ينشئ العديد من الحوسبات الممتازة والتحوّلات يقال إنّه يخترق مبدأ آلة الحلاقة الخاص بـOccam – يبدو أنّه أصبح غير محتمل من الناحية البيولوجية والعلمية – وكل الجهاز  apparatus الدقيق الّذي بذل Chomsky وأتباعه 40 سنة في تطويره قد تمّ إقصاؤه باسم المبدأ. ومن الأكيد أنّ ذلك كان جزء كبيرا من الإعتراض الّذي قام به غير التشومسكيين ضد الشكلانية من جهة التطوّر والخلفيات اللغوية – فكيف يمكن بالضبط لقطعة مركّبة كهذه من قطع الحوسبة الآلية أن تتطوّر بطريقة بيولوجية، وما الّذي يمكن أن تمثل أشكال التدخّل بين اللغة البشرية والحيوانية؟.
   وعلى الرغم من احتجاجاته، فإنّ المبدأ الّذي تعتبره الآن الأعمال التشومسكية الحديثة حتميا هو بالضبط أحد تلك المبادئ التي دافع عنها طويلا معارضوه والمرتدون عنه: ويبدو أنّ ذلك يعطي فرصا قليلة little senseللتسليم بأنّ الذهن البشري human mind يتقن آليات إنتاج اللغة المبنية داخليا، ولكن عوضا عن ذلك يعتمد على تغيّر فريد أو أو على عدد بسيط من التغيّرات (بعضها متاح في العرفان على العموم، ويمكن للبعض الآخر أن لا يوجد إلاّ في اللغة "فقط"، بالضبط مهما دفعنا هذا التقييد إلى الخارج) الّتي تجعل اللغة وتعلّمها شيئا ممكنا – شيئا ما يسدّ مسدّ ما أطلقت عليه Hilary Putnam ذات مرّة في نقاش قديم مع Chomsky"المساعدات على الكشف heurictics، أي استراتيجيات الدراسة" (Putnam 1967، ص21). ففي Hauser et al (2002)، اقترح بعض اللسانيين أنّ بعض نسخ التكرار المعدّلة version يمكنها أن تكون كلّ ما يحتاج إليه في تمكين اللغة؛ ففي Chomsky (2005أ) بالإضافة إلى المقال العلمي المبكّر، يتضح أنّ هذه الإمكانيات يمكن أن تكون عامّة من الناحية العرفانية، وكذلك فهي موجودة في الكثير من أجزاء الدماغ وواضحة في الكثير من النشاطات بما في ذلك اللغة – وأيضا، يكاد العديد من الوظيفيين يكونون قد ناقشوا ذلك في الغالب.  ففي الكثير من الأعمال التشومسكية الجديدة (مثل Chomsky 2005أ، ب، 2007، 2008) تلك الأعمال التي تنظر إلى عمليتي التكرار recursion والضم merge كما لو أنّهما عمليتين متماثلتين من الناحية الوظيفية، وذلك لأنّ الحركة بكلّ بساطة هي حالة خاصة من حالات الضمّ، وأنّ النحو الكلّي UG يتمثّل بكل خصوصية تقريبا في التكرار (بالموازاة مع القدرة على الكشف عن حدّ السماتedge features .
   إلى أين سيؤدّي تفصيل أجهزة تشومسكينين في ما يتعلّق بالبنية العليا للملكة اللغوية في المراحل القديمة للتوليدية؟ ومن هنا فإنّ بلاغة البرنامج الأدنوي MP ونشاطه يساعدان في إبهام ما حدث بكل وضوح تحت (ص38) السطح. لا تزال كتابات Chomsky وأتباعه مليئة بالرسوم البيانية الرحيلة-البنية phrase-structure،  إذ أنّ الكثير من مجموعات العبارات الاصطلاحية الجديدة (وبالخصوص مصطلحات "الطورphase" و"سبر-الهدف probe-goal")، بالإضافة إلى الإحالة إلى الآلات machinery الموجودة مثل نظرية التحكم c-command، ومبدأ الإسقاط الموسّع extended projection principle (EPP)، والنقل movment، وعلاقات رأس-تصوّر spec head relations، وTP، وCP تعتبر رؤوسا للطور، وهلم جرا.  يستمر العمل في صنع حجج قوية تتمثل في وجود مؤكد لنماذج من الجمل العامة جدا يمكنها أن توجد في لغات مختلفة تمام الاختلاف، ولكن أينما يتمّ إدراكها يكون ذلك في مستوى عال جدا من التجريد. وما يعتبر مغريا بصفة خاصة هو تلك السمات الجديد الأخرى المتعلّقة بمصطلحات التشومسكيين، ونقصد بالخصوص فكرتي السمات "القابلة للتأويل interpretable" والسمات "غير القابلة للتأويلuninterpretable" ومفهوم "تماثل" سبر- الهدف probe-goal « matching ». وهكذا فقد ذكرChomsky في صلب تتكرارية الصورة الجديدة للملكة اللغوية:
     يجب علينا أن نحدّد ما إذا كانت كل المستويات الداخلية internal levels غير ضرورية، مع المراحل الخمس لمنوال المعيار الموسّع EST/Y – وهو منوال مختزل في منوال واحد – باعتباره لا يزال أفضل منوال غير قابل للصياغة unformulable، كما هو الحال بالنسبة إلى البنية العميقة D-Stracture. وذلك سيتعلّق بما إذا كانت الحوسبة تعتمد فقط على الضم merge، ويمكن أن يتعلّق بالأزواج – بالإضافة إلى as well as وضع- عملية الضمّ، إلى جانب الآليات الإعرابية الطيّعة yielding syntactic objects التي تحوّلت، في بعض المسائل في الإشتقاق، إلى التواجهين التاليين [التصور المفهومي CI والحسي الحركيSM]: وغالبا ما يسمّى التحوّل إلى التواجه الصوتي sound interface بـ"التهجية spell-out". ويسمح لنا بأن نطلق على الآليات الإعرابية syntactic objects الّتي تمّ تحويلها بـ"الرحائل phases". وبالطريقة المثلى، متى تمّ تحويل طور ما phase، يجب أن تتناسب mapped مباشرة مع التواجه وحينئذ يأتي "النسيان forgotten"؛ والعمليات المتأخّر يجب أن لا تحيل على ما قد تمّ تناسبه مع التواجه – ويجري ذلك أيضا على الحدس الأساسي الكامن خلف العمليات الدورية cyclic operations. ولذلك نأمل في إنشاء "رحيلة قيد عدم الاختراق phase impenetrability condition" الّذي يضمن أنّ التناسبات في التواجهين يمكنها أن تهمل حول ماذا كانت تعمل  من قبل، وهو ما يحفظ جوهريا في الذاكرة.
    وإذا ما كانت هذه الأفكار صحيحة، فإنّ كلّ المستويات الدّاخلية غير قابلة للصياغة unformulable، ولذلك فهي غير ضرورية بالمعنى الأوسع للكلمة. لقد تركنا أنفسنا فقط مع مستويات التواجه، في حين أنّ المراحل الخمس five cycles لمنوال المعيار الموسّع EST/Y قد تمّ اختزالها في مسألة واحدة، تقوم على الضمّ. وبدون أيّ تعليق تلاحق خصائص التواجه الدورية the cyclic properties of the interface. والحوسبة الدورية cyclic المحض لازمة هي الأخرى من أجل التبرير account الأبسط للسمات غير القابلة للتأويل uninterpretable features. وقيّمها التكرارية redundant، يتم تحديدها بواسطة علاقات تطابق agree relation مع السمات غير القابلة للتأويل. (Chomsky 2005أ، ص ص16-17).
   فالصياغة بعبارات اصطلاحية توجز شيئا ما مثل الإقصاء من كلّ الآليات الشكلية الّتي من خلالها يتعارض الوظيفيون مع البرنامج التوليدي على طول الخط. وبدلا من المستويات والمراحل cycles، تعمل الملكة اللغوية تقريبا في الاعتبارات الّتي يحتاجها الدماغ والأجهزة النطقية articulatory apparatus بطريقة خاصّة، وليس أقلّ بالنسبة للمظاهر البنيوية للغة الّتي كان الفرد قد تعلّمها، الّتي  قد لا تكون أبد ظاهرة في الملكة اللغوية.
   تعمل السمات غير القابلة للتأويل بواسطة "علاقة التطابق agree relation" الّتي يمكن أن يتمّ فهمها باعتبارها تنوّع للظواهر يعتاده كل اللسانيين: المطابقة agreement، الجنس gender، التوافقconcord ومظاهر صرفية أخرى توجد في كل لغات العالم، وفي بعض الحالات توجد بتردّد عالي كما هو الحال في الإنكليزية. ففي فترة الازدهار المبكّر للتحويلية قد تمّ التفكير في أنّ سمات كهذه يمكن إقصاؤها بلغة العمليات الإعرابية المركّبة الّتي تولّد في النهاية سمات كحالة "الموقع الطبيعي للتأويل natural position of interpretation" كما يوجد في الإنكليزية. وبدلا من ذلك، في خضمّ البرنامج الأدنوي نجد أنّ "الحالة البنيوية structural case" [وهي الحالة الّتي تشفّر encodes فيها المعلومات بحيث تخالف كونها تكرارا redundant] "يمكن أن توجد حتى إذا لم يتم توضيحها ... وهي وجهة نظر قوية لهذه الأطروحة تشير إلى أنّ السمات التصريفية inflectional features في نهاية الأمر كلّية" (Chomsky2005أ، ص17). ومن الأكيد أنّ اللغات المشابهة للإنكليزية تعرض الكثير من السمات الّتي تشبه look likeالحالة والمطابقة، بل ويمكن حتّى أن تكون حالة ومطابقة لا فقط مشابهة لها؛ فما هو جديد عند Chomsky لم يفكّر أبدا في أنّ إهمال هذه الوقائع المتعلّقة بالدراسات التصنيفية والتاريخية من عالم اللغات يمكنه أن يؤدي إلى إقصاء لصالح المحرّك الإعرابي المركّب complex syntactic engine الّذي هو الموجد لهما في النهاية. وبدلا من إشباع مطالب الفعالية الحاسوبية، فإنّ ما يجب أن يتّم الآن إقصاؤه من النحو هو بالضبط ما اعتبره الوظيفيون بصفة مستمرّة غير ضروري كما أنّ من غير الضروري دراسته. فعواقب هذا التغيير كانت بارزة في اللسانيات الشكلانية والوظيفية، على الخصوص لأنّه يستلزم ترك المبدأ التصوّري الّذي استندت عليه النسخ التعديلية للنحو التحويلي TG (وعلى وجه الخصوص النظرية الموسعة standard theoryونظرية المعيار الموسّع EST/Y). غالبا ما تتم مساعدة آلية مقياس- تحكّم المبادئ والمقاييس parameter-setting machinery of P&P من أجل النهوض بنظرية الأمثلية optimality theory، أولا من الناحية الصوتمية phonology ولكن مؤخرا وقع الاهتمام بالإعراب والصرف، وبينما اشتغل Chomsky كثيرا من أجل أن يبتعد عن النظرية المذكورة، فإنّ اهتمامه في ما يتعلّق بالاقتصاد وبـ"القيود القابلة للاختراقviolable contraints" (على خلاف القواعد) كما هو الحال بالنسبة إلى المبادئ الأساسية للتركيب اللغوي قد بيّنت تقاربا بين التفكير الوظيفي والشكلاني (وبالفعل، ليس من الواضح ما إذا كان يجب أن توصف نظرية الأمثلية OT بالضبط على أنّها نظرية شكلانية أو (ص39) وظيفية). لم ينكر الكثير من الوظيفيين أنّه يوجد شيء جوهري من الناحية البيولوجية في الدماغ البشري يسمح للغة، بحيث أنّ طبيعة الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN المحدّدة بشكل تام تحت البرنامج الأدنوي MP تقود إلى الأفكار المضافة إلى التقاربconvergence.
   من بين البرامج الحالية الأكثر طموحا في النظرية اللسانية، ذلك البرنامج الّذي يديره التوليدي الأورثودكسي القديم Jackendoff (أنظر بالخصوص Jackendoff (1997) وCulicover وJackendoff(2005))، إذ يشبه كثيرا البرنامج الأدنوي MP، بطريقة واضحة overtly so، على الرغم من أنّه يفتقر إلى اقتراح بلاغي مثله في ذلك مثل البرنامج الحالي الّذي يحافظ على جوهر النحو التحويلي TGالقديم. فـ Culicover و Jackendoff يقترحان للدراسة ما يطلقان عليه اسم "فرضيات الإعراب المبسّطsimpler syntax hypothesis الّتي تعطي انطباعا sounds يكاد تقريبا يشبه البرنامج الأدنويMP: إذ يعتبر أنّ "النظرية الإعرابية الأكثر قدرة على التفسير هي تلك الّتي ينسب إليها البنية الأدنوية الاساسية minimum structure necessary للتوسّط بين الصوتمية والمعنى (Culicover وJackendoff 2005، ص5). فهذه الفرضية "هي الفاصل الجذري في روح النحو التوليدي السائد (Culicover و Jackendoff 2005، ص5). والدافع إلى ذلك reason ليس بسبب أنّ النحو الكلّي UGيوجد دائما، في صيغة مختزلة إلى أقصى حد: وإنّما بسبب أنّ باقي اللغة الّذي وضعه Chomsky جانبا لفترة طويلة حتّى في كتاباته المبكّرة، قد أوجد بطريقة أو بأخرى "أخطاء" إنشائية عارضة epiphenomenal performance “errors في الإنتاج الفردي للغة، والآن تأي لإظهار أنّ كلّ جزء [من أجزاء اللغة] له أهمية في اللغة نفسها كما فرض الباحثون الّذين وُجدوا قبل التشومسكيين. وهكذا فقد بيّن كلّ من Hauser etal. (2002) وFitch et al. (2005) الدور الكبير لطبيعة الملكة اللغوية بالمعنى الضيّق FLN والملكة اللغوية بالمعنى الواسع FLB، كما لوأنّ تأخر Chomsky كان أمرا مناسبا باعتبار أنّ النحو "نظام من القواعد الّذي يمدّ بالتمثّلات representations الصوتية والمعنوية (على التوالي) ... وتتمثّل مهمتنا في اكتشاف التمثّلات البارزة والقواعد المتحكّة فيها والمتعلّقة بها ... ويتمثّل الأمر الأهم، في اكتشاف نظام النحو الكلّيUG الّذي يكون القاعدة الّتي من خلالها تتطوّر [التمثّلات]" (Chomsky 1980، ص65). 
   يبدو أنّه من المضلّل تحت تأثير البرنامج الأدنوي MP تسمية النحو الكلّي UG بـ"النظام". وذلك بدلا من من أن يتسبب في حدوث عمليتي الضمّ merge والنقل move (موازاة للكشف عن الحد السيمي edge-feature detection) التين تخوّلان لكل ما يدخل تحت تسمية اللغة أن يكن مكوّنا من قسميهما الأساسيين. إذ أنّهما قد تكونان ضروريتان للغة لكنهما غير كافيتين، فهما تستلزمان أنظمة عرفانية وإنتاجية ونطقية عالية تنتج عما نعتبره لغة طبيعية على غرار الإنكليزية واليابانية، ثم إنّه من غير الممكن تقطيع أو النظر من خلال هتين اللغتين نزولا إلى نظام مثل نظام قواعد التعزيز الصلبة hard-wired rules (على سبيل المثال، قواعد البناء للمفعول rules for passivization، الأسمنة/التأسيم nominalization، أو التحكّم c-command) الّتي توجد بصفة مستقلّة عن باقي القدرات العرفانية للفرد. وهكذا فالنظريات الوظيفية الّتي تعترف بكمية قليلة من الحوسبة باعتبارها جزء من اللغة – النحو التركيبي construction grammarكما تمّ تطبيقه من طرف Croft (2001)، أو Van Valin في (Van Valin وLaPolla 1997، وانظر على الخصوص Butler (2003-2005أ)) القاعدة والنحو الإحالي – تبحث جيّدا على غرار النظريات التوليدية الجديدة، في النظريات التوليدية الخالية من التعهدات التصوّرية للتشومسكيين السابقين (وبالفعل فقد ضمّن Culicover وJackendoff 2005، ص 1ff نظريتين على أنّهما مخالفتين للتوليدية على الرغم من أنّه لا يوجد من يصفهما من التشومسكيين الأورثودوكس بهذه الطريقة)، ومن بين تلك النظريات على سبيل المثال النظرية الخاصّة بـ Jackendoff. فاللغة هي الإعراب، الامر أكيد، ولكنها أيضا كلّ تلك الظواهر الأخرى – الحالة الإعرابية case، والتداولية، والصرف، والصوتيات phonology، والخطاب وهكذا دواليك – الّتي تجعلنا نفكّر في أنّ النحو التحويلي TG قد تمّ إلغاؤه منذ فترة طويلة. ولنفس السبب، فقد بدأ الوظيفيون والشكلانيون بتقييد الدور الكبير للتقارب لا فقط من جهة المواضيع الّتي يهتمون بها ولكن أيضا من جهة طرقهم في التحليل (أنظر Camie وMendoza-Denton (2003)، Darnell et al. (1999أ، ب)؛ وأيضا ينظر Seuren (2004، ص ص125-149)، تلك الطرق الّتي تنم عن أنّ هذا التقارب يبيّن ضعف البرنامج الأدنوي MP باعتباره برنامج بحث).
   وبعد 50 سنة من تطوّر التشومسكيين، عادت النظرية اللسانية إلى التعميمات generalizationsوالملاحظات observations الّتي ذكرها Chomsky والمتمثّلة في أنّ العالم سيتمّ إهماله تأييدا للتجريد الحاسوبي. ويمكن أن تكون المفاجئة الوحيدة هي أنّ Chomsky نفسه هو الّذي يقود هذه العودة، عندما اكتشف أنّ ظواهر مثل الحالة والمطابقة ليستا ظاهرتين عارضتين epiphenomenal وإنّما مبدلتين من الأقسام اللغوية غير القابلة للإقصاء uneliminable – على خلاف الحاسوب الإعرابي العالي البناء الّذي بوجوده وقع إلحاح كبير في الـ50 سنة المذكورة. ولولا بنائه القويم، والقواعد الملحقة rule-followingللملكة اللغوية FL، لفقدت المدرسة التوليدية المطالبة بالكثير مما يميّزها من المدارس السابقة لهاprecursors – ولهذا فالنظرية التشومسكية، في أسسها التصوّرية، أصبح من الصعب تمييزها من النظريات الوظيفية. ويبقى أن نلاحظ ما إذا كان لهذا التغيّر نفس التأثير خارج الدراسات اللسانية نعمت بها البحوث التشومسكية الأولى.
  







[1] - هاتف 14349774210 +، البريد الألكتروني dgolumbia@virginia.edu
[2] - أقدّر التعليقات المساعدة على النسخ القديمة لهذه الوثيقة، كتعليق Ellen Contini-Morava، وLise Dobrin، وDan Lefkowitz، وKevin Russell، وكذلك ملتقى اللسانيات الأنتروبولوجية الذي انعقد جامعة Verginia. وكذلك كان للتعليقات العديد من قراء مجهولين حول هذه اليومية مفيدة جدّا في تحضير النّسخة الأخيرة من هذا المقال. وقد تأثّر توجهي في هذا الموضوع الأساسي أيضا بإتاحة الفرصة لي برؤية Chomsky يلقي درسا لمدة ثلاثة أيّام حول الأدنوية في الـ LSA Summer Institute at MIT (نشرت هنا في Chomsky 2005ب)؛ وأنا ممتن لـ Chomsky وللقائمين على التنظيم في المعهد على سماحهم لي بالحضور. وكل الأخطاء بالطبع تنسب إلي.
0388-0001/$ - see front matter _ 2008 Elsevier Ltd. All rights reserved.
doi:10.1016/j.langsci.2008.07.001                                                                                        
[3] - وجّه Burtun-Roberts وPoole (2006) نقدا لاذعا لأسس التصوّر القصدي CI والحس الحركي SM المنشقين split بمعنى التناسبmapping الصريح بين الصوت و المعنى، ذلك التناسب الّذي ناقشا فيه ما حمل Chomsky حقّا على عدم انتقاد Saussure.
[4] - أنظر Chomsky (2005أب).
[5] - لم نجد هذا الاختصار se في معجم المصطلحات اللسانية للفاسي الفهري، وإنّما وجدنا عبارة self-embedding وقد ترجمها بـ (دمج آلي). ووجدنا في Pugh’s Dictionary of Acronyms and abbreviations الاختصار المذكور ولكنه لعبارة أخرى لم نجدها في معجم الفاسي الفهري، والعبارة هي self-extinguishing.  
[6] - قد لا تكون الاختصار CM الذي ترجمناه بالمفعول الوسيط دقيقا بما أنّنا لم نجد بعد هذا الإختصار والّذي جعلنا نذهب هذا المذهب هو أنّنا وجدنا في كتاب morphological theory  (Spencer 1991) اختصارا يكاد يتطابق مع ال SI الّذي تردمناه بالفاعل اللازم ألا وهو Si، أي أنّ حرف (I) كبيرا عند David Golumbia وصغير عند Spencer.
[7] - فلنلاحظ هنا التبادلات الجديدة بين Chomsky وآخرين al. (Hauser et al 2002؛ Fitch et al 2005) وكذلك Jackendoff وPinker(Jackendoff وPinker 2005، وPinker و Jackendoff2005) حيث أنّ Jackendoff وPinker القديمين (ويمكن حتّى الحاليين) وظيفيان، يأخذان ما أناقش هنا على أنّه الموقع الوظيفي functionalist position والتأويل المعقول، جد المنحاز، للنتائج المنطقية والتجريبية للبرنامج الأدنوي MP والدور الّذي تلعبه هذه النظرية في حجج arguments Chomsky et al. وآخرين حول موضوع التطوّر evolution.
[8] - تجربة غير أصلية لكلمة عرفان، تستعمل في بعض الأحيان، بطريقة أكثر خصوصية، بمعنى أوّلي: ملتبس نوعا ما. (the oxford english dictionnary1970, v II, p598) المترجم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


الحقوق محفوظة لمدونة الحروف ©2013-2014 | اتصل بنا | الخصوصية