الثلاثاء، 20 يناير 2015

المناسبة التعلّقية في النفسية النظامية


يحي ولد الصغيّر، باحث لساني، جامعة منّوبة، كلّية الآداب. ا
لأستاذ المشرف: المنصف عاشور

« (…) les mots en phrase sont immédiatement   incidents les  un    aux autres »

(LL2 1982 (48-49), p. 185)

مفهوم المناسبة التعلّقية "Incidence" في النفسية النظامية psychosystématique عند G. Guillaume.
 

تمهيـــد :    
لقد ارتأينا أنْ نعرّف بنظرية المناسبة التعلّقية القيومية في هذا الفصل لارتباطها بنظرية الحرف من جهة "الانتظام الإعرابي" في الجملة، ذلك الانتظام الذي تؤديه الحروف عند ضعف "الشحنة التركيبية" المندفعة من الفعل العامل والتي تقيس مدى تموضعه على محور التمام والنقصان. فقد تعلّقت النظرية المذكورة والتي وضعها قيوم في الدروس التي ألقاها بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا ".E.P.H.E." بين سنة (1938-1960) بدراسة ما أسماه "بالشروط المتحكمة في تعريف المقولات الفرعية (الاسم الذاتsubstantif  والصفة adjectif) داخل المقولة الاسمية" (د.ل21971(48-49)، ص137)[1]. ولذلك يدخل المفهوم قيد الدرس في ما أسماه"بالأشكال الموجهة formes vectrices": وهي مفاهيم غير خاصّة imparticulier تضاف إلى الخاص le particulier في بعض اللغات كالهندية الأوروبية مثلا وظيفتها مَقْوَلة الكلمة[2]. ولكن المفهوم قيد الدرس يتّخذ دلالة أوسع عندما يتعلّق الأمر بالحديث عن عملية التوقّع/التهيّؤ la prévision[3] في الكلمة مطلقا. فقد اعتبر قيوم أنّ "توقّع التأثير" « la prévision d’effet » أو "الاستعمـال la prévision d’emploi" المتعلّق بكلمة ما غير محمول على الإمكانية التي تتضمّنها الكلمة أو التي تخوّل لها الإدراك النهائي في الزمان أو في الفضاء فقط، وإنّما يحمل أيضا على جهات إجرائية أخرى "من بينها ما أطلق عليه تسمية المناسبة التعلّقيةP.L.T) 1973، ص ص202–203)[4]. مع العلم أنّ قيوم لم يحدّد سمات المقولة الفرعية ولا سمات المقولة الأصلية أو الكبرى. إلاّ أنّه توجد تلميحات توهم الدارس بأنّه عندما يتحدّث عن المقولات الكبرى يربطها بمقولتي عالم الفضاء وعالم الزمان معتبرا أنّ نظام المناسبة التعلّقية  هو الحدّ الفاصل بينهما (د. ل2 1971، (48 – 49)، ص147)[5] وP.L.T) 1973، ص 202(. وعندما يذكر "الأشكال الموجهة" (الجنس، العدد، الحالة، الاتّساع...) المحدّدة للمقولة الفرعية أو لقسم من أقسام الكلام  يذكر المناسبة التعلّقية  من بينها (د ل21971 (48 – 49)، ص138، 142) أيضا.   ولتفادي الازدواجية الحاكمة للمفهوم والتي نعتبر أنّها ناتجة عن ثنائية لسان/خطاب التي تقوم عليها النفسية النظامية اخترنا أن نربط المفهوم  بحركة انتظام الجملة بما أنّنا نشتغل على حروف التعدية ودورها في التعلّق الإعرابي هذا الدور المتمثّل حسب ابن جنّي وابن يعيش في تقوية الفعل العامل، وعند قيوم في سدّ الفجوات hiatus التي تتخلّل الأبنية النحوية. ففي هذا النطاق سنقوم بدراسة المفهوم من خلال القضايا التي ارتأينا أنّه يثيرها من خلال تعريفه والتي نوجزها في النقاط التالية.1 – نشأة مفهوم المناسبة التعلّقية في النفسية النظامية.2 – صعوبة رصد مفهوم المناسبة التعلّقية  في النفسية النظامية.3 – مكانة مفهوم المناسبة التعلّقية  في النفسية النظامية.4 – توزيع المناسبة التعلّقية  بين اللسان والخطاب في النّفسية النظامية.5 – المفاهيم المتعلقة بمفهوم المناسبة التعلّقية  في النفسية النظامية.

1 – نشأة مفهوم المناسبة التعلّقية في النفسيّة النظاميّة : 
   تبلور مفهوم المناسبة التعلّقية في دروس قيوم التي لم ينشر منها إلاّ القليل (كمون1990، ص54)، عندما أراد دراسة شروط تعريف المقولة الفرعية داخل المقولة الاسمية (الإحالة1، أعلاه). بعد أن درس "شروط بنية الكلمة" (د.ل2 1971،(48-49)، ص136). لأن مفهوم المناسبة التعلّقية له علاقة بنشأة الكلمة في اللسان وبتحقّقها في الخطاب، ولذلك ميّز قيوم على مستوى الكلمة بين "عمليتين فكريتين متعاقبتين ومترابطتين" وهما:أ: الحمل الدلالي apport de significationب: نقل الدلالة المحمولة signification apportée إلى عماد دلالي support . وقد قسّم – العملية (ب) إلى حالتين :          ب1- الحالة التي يكون فيها العماد الدلالي متضمّنا في الدلالة الحملية وهي الحالة التي وسمها بالمناسبة التعلّقية الداخلية.   ب 2- الحالة التي لا يكون فيها العماد الدلالي متضمنا في الدلالة الحملية وهي الحالة التي وسمها بالمناسبة التعلّقية الخارجية[6] P.L.T) 1973، ص207).   وبالتالي يكون نظام المناسبة التعلّقية الذي ينتمي إلى العملية الثانية محدّدا لأقسام الكلام ومخصّصا لها سواء أ كانت خارج الاستعمال (أي في اللسان) أو داخله (الخطاب)، بما أنّ نظريّة الكلمة في كلّ اللّغات خاضعة لتوجهين اثنين أحدهما يتعلّق "بتحقّقsaisie  الكلمة وتكوّنها خارج الجملة" أطلق عليها قيوم اسم exo-phrastie وتتعلّق الثانية بـ "تحقّق الكلمة داخل الجملة أي في الخطاب" أسماها بـ endo-phrastie(Boone et Joly 1996، ص ص، 146–147).وذلك ما سيحملنا على الحديث عن المناسبة التعلّقية  في اللسان وفي الخطاب عندما نتحدث عن المناسبة التعلّقية للحرف.   لقد اقتصرت الشروط المحدّدة للكلمة والتي سنحاول رصدها في جدول لتعدّد المصطلحات التي أطلقها قيوم على المفهوم[7] - في الاسم قبل اكتشاف مفهوم المناسبة التعلّقية - على "الجنس" و"العدد" و"الحالة الإعرابية" (د.ل2 1971 (48ـ49)، ص138)، أو على "الجنس" و"العدد" و"الحالة الإعرابية" و"الشخص" (د.ل11 1992(44 – 45)، ص116) فأضاف قيوم لهذه الصيغ الموجهة "محدّدا نفسيّا صرفيّا"[8] أسماه بالمناسبة التعلّقية  نفى أن يكون قد تطرّق إليه أحد اللّسانيين قبله (ن. م، ن. ص) مع أنّ vassant  قد أرجعت نظام المناسبة التعلّقية إلى الأدبيات النحوية الكلاسيكية معتبرة أن "هذه الإوالية التي يدعي فيها قيوم الريادة قد لُمّح إليها في النحو القديم" Vassant) 1993، ص 144)[9]. وفي درس 31 مارس 1949 قسم قيومالحالة الإعرابية إلى حالة وظيفة cas fonctionnel وحالة اتساعية cas extensif (د. ل2،1971 (48-19)، ص144)[10]. وفي ما يلي نذكر تعدّد المفاهيم الّتي ذكر قيوم أثناء حديثة عن المناسبة التعلّقية الّتي اعتبرها شرطا من الشروط الصرفية أو المقولية المحدّدة للكلمة. 

المرجـع
المفهـوم
الصفحـة
دروس لسانية11أب(44 – 45)أ،ب 1992
المحدّدات الصرفية      morphologiquesindications
الصرافم                                  morphème   
116
196
دروس لسانية2(48 – 49)1973
الأشكال الموجّهة                   les formes vectrices
137
المحدّدات المقولية les déterminants        catégoriels
137
المفاهيم غير الخاصة les notionsimparticulières         
138
141
142
الأشكال الموجّهة المقولية      les formes vectrices de
catégorisation                 
142
143
الأعمدة الدلالية غير الخاصة  imparticuliers supports            
143
(جدول1) 
ولم تكن إضافة نظام المناسبة التعلّقية في هذا المجال اعتباطية، باعتبار أنّ دراسة شروط بنية الكلمة "تقود" إلى إدراجه (أي نظام المناسبة التعلّقية) ضمن "مجموعة الأشكال الموجّهة الموصلة إلى قسم من أقسام الكلام" (د.ل2 1971 (48 – 49)، ص137) (الإحالة 1 أعلاه).  
 2 – صعوبة رصد مفهوم المناسبة التعلّقية  في النفسية  النظامية : 
    يتسم مفهوم المناسبة التعلّقية  كسائر المفاهيم القيومية بمقاصد عديدة لما تتعرّض له من تهذيب يربك الدارس أحيانا، إذ أنّ قيوم "يعدّل فكرته من سنة إلى أخرى وأحيانا في دروس مختلفة من نفس السنة (...) على شكل مخالف في نفس المسألة" (Vassant2005، ص17)[11]. ففي درس13 جانفي 1954 أثناء تعريفه لمفهوم المناسبة التعلّقية تعرّض لمفهوم التوقّع (الإحالة3 أعلاه) معتبرا أنّ الوحدة الدلالية sémantème "لا تحتوي على المحدّدات المتعلّقة بمعناها فقط، وإنّما تشتمل أيضا على محددات ترتبط باستعمالها وتوقّعها التركيبي P.L.T)1978، ص ص201-202)[12]. وبالتالي تكون الكلمة حسب قيوم كيّان حامل لكلّ السمات التي تخوّل له التركّب مع غيره في الجملة إلى حدّ معه اُشتُرِطت بنية الجملة ببنية الكلمة (د.ل2 1971 (48 – 49)، ص30)[13]، باعتبار أنّ الكلمة عنده "تكوّن نظاما" P.L.T) 1973، ص185). ولذلك فنظام المناسبة التعلّقية من مشمولات التوقّع الذي تتّسم به الكلمة في اللسان بالقوة، من جهة، وهو محدّد من المحدّدات المقولية للكلمة في الخطاب باعتبارها "جمع مباشر من العناصر المكوّنية يحتضنه شرط شكلي مدمج(د.ل2 1971 (48– 4)، ص28)[14]، يتحقّق في تقنية اللسانيات الموضعية (الإحالة37، 38، أسفله) عبر عمليتين متعاقبتين هما عمليتي التخصيصParticularisation  والتعميم universalisation P.L.T.)1973، ص ص(186–187)، من جهة أخرى. وفي نفس الدرس يجعل من "الاسم" nom مقولة كبرى تتضمّن "أقساما فرعية[15] تتمثل في الاسم الذات substantif والصفة adjectif مؤكّدا أنّ مفهوم المناسبة التعلّقية هو الحدّ الفاصل بينهما P.L.T) 1973، ص203)[16] وكذلك هو الحدّ الفاصل بين الاسم والفعل (د.ل2 1972، (48–49)، ص147)[17] وأنّ قسم الاسم "ينتهي إدراكه[18] في الفضاء" " والفعل في الزمان"[19] (ن.م.ص.144) و، (الإحالة 4،5 أعلاه).  وبالتالي تكون أمام نوعين من التناسب التعلقي).- مناسبة تعلقية تقع في مستوى المقولات الكبرى (الاسم، الفعل ...) تتضمّن مفهوم التوقّع.- مناسبة تعلقية في مستوى المقولات الفرعية sous-catégories أي (الاسم الذات والصفة ...)[20]. تدخـل ضمن مـا أسماه قيوم بالأشكال الموجّهة (الجدول1 أعلاه).   ولكن قيوم لا يذهب هذا المذهب ظاهريا إذ ينطلق من تصنيف آخر للمناسبة التعلّقية يحدّده الوجهان المتقابلان في الزمن الإجرائي temps opératif الحامل للانتقال لسان خطاب" وهما :أ : وجه أوّل تتحقّق فيه إوالية المناسبة التعلّقية .  ب – وجه ثان يتمّ فيه تعليق إوالية المناسبة التعلّقية [21] .ل2 1970 (48 –49)، ص163). وذلك ما حدا به إلى جعل بعض الأقسام تحقّق المناسبة التعلّقية  وبعضها الآخر تنعدم فيه. ولكن هذا التصنيف أي (وجها المناسبة التعلّقية) يعضده تصنيف آخر في النظرية به تكون الكلمةl’unité de puissance  أو الوحدة الدالة sémantème P.L.T)1973، ص53، 205)، حاملة لعمليتين فكريتين ومترابطتين (الإحالة18 أعلاه).   ورغم ما ذهب إليه قيوم (الإحالة4، 5، 10، 19) فإنّه يحدّد الفرق بين الصفة (وهي مقولة فرعية)، و الفعل (وهو مقولة كبرى) (د.ل 2 .1971 ،( 48 – 49) ، ص147). دون أن يجعل لمقولة الفعل مقولات فرعية داخلية أو يجعله مقولة فرعية كي يتفادى إرجاع الأصلي إلى الفرعي أو العكس، أثناء حديثه عن المقولات في التصنيفين المذكورين. بل أكثر من ذلك فقد "يخلط" بين الاسم مقولة كبرى والاسم الذات مقولة صغرى أو فرعية substantif (الإحالة20 أعلاه). وهذا ما يربك الدارس باعتبار أنّ للمقولة الاسمية سمات تتّسم بالشمولية متدرّجة في التجريد تبتلع كلّ الأقسام وسمت بالموضع تارة وبالمحل والحيّز أخرى عند Milner والشريف وعاشور[22]. ولذلك فتعدّد المعنى الذي يسم المفهوم القيومي عامة ومفهوم المناسبة التعلّقية  خاصة جعلنا نعتبر أنّ قيوم لا يزال في مرحلة التأسيس رغم أن العديد من المفاهيم التي استعملها في دروسه قد سبق أن استعملها في مؤلفاته التي سبقت فترة التدريس حسب Boone و Joly في محاولتهما التأريخية للمفاهيم في متن معجمهما.  
 3 – مكانة مفهوم المناسبة التعلّقية  في النفسية النظامية :   
 تتجلّى مكانة مفهوم المناسبة التعلّقية في الازدواجية التي تقوم عليها اللسانيات القومية (لسان / خطاب) رغم نعتها بأنها "لسانيات الكلمة" (كمون1990، ص71) و  vasant) 2005، ص18) إذ لم تقتصر دراسة قيوم للجملة من خلال المفهوم قيد الدرس وما يرتبط به من مفاهيم(الأشكال الموجهة formes vectrice) على دراسة الكلمة من جانب اللسان فقط وإنما درس المفهوم من خلال جمل مكتملة أو من خلال الخطاب حسب المفاهيم القيومية[23] مع العلم أنّ الخطاب عنده قد يتحقّق بوحدات معجمية دون الجملة كالمركبات مثلا Boone et Joly) 1996، ص 132)[24] كما أنه عندما يتعلّق الأمر بالاسم يدرس المفهوم من خلال لفاظم نحو homme وmaison وغيرها من الأسماء[25]. وكأنّ المناسبة التعلّقية  في اللسان لا تقع إلا في الاسم وللإحالة المرجعية أهمية كبيرة في تحديدها. يتجلّى ذلك في الاسم من جهة تواجد مفهومين أساسيين في نظرية المناسبة التعلّقية وهما ... الحمل الدلالي apport والعماد الدلالي supportداخل الكلمة باعتبارها "حملا دلاليا ينتهي إلى عماد دلالي (د.ل2 1971 (48 – 49)، ص 152)[26]. إذ أنّه بالتحام العلاقة بينهما أو افتراضها تتحدّد الحقيقة المقولية لأقسام الكلام الإسنادية، (الإحالة17 أعلاه)، التي صنفها Guillaume إلى: قسم يحقّق مناسبة تعلّقيه داخلية وثلاثة أقسام تتّصف بمناسبة تعلقية خارجية من درجة أولى: (الفعل والصفة[27])، ومن درجة ثانية: الظرف)[28] ولكن هذا التصنيف يحتضنه تقسيم أوسع لنظام المناسبة التعلّقية ميسمه وجود المناسبة التعلّقية وانعدامها (الإحالة21 أعلاه). ولهذا قسم قيوم أقسام الكلام إلى : 

أقسام الكلام الإسنادية           
Les parties du discours prédicatifs
أقسام الكلام غير الإسنادية أو فوق الإسنادية.
les parties du discours non prédicatifs ou transpredicatifs
   تتمثل الخاصية الأساسية للأقسام الإسنادية "في قدرتها على التركّب مباشرة" vassant)2005، ص19)[29]. والغريب أنّ هذه الأقسام الموسومة بالإسنادية والتي يُبَنْيِنُها structueréنظام المناسبة التعلّقية  Moignet) 1981، ص20) قد يتعذّر تعلّقها ممّا يستدعي دخول الحرف(د.ل2 1971 (48–49)، ص163) رغم انتمائه إلى أٌقسام الكلام غير الإسنادية، التي رتبهاMoignet على الشكل التالي:
- الضمير
- الأداة
- الحرف
    - الرابطة
- Le pronom
- L’article
- La préposition
- La conjonction
معتبرا أنّه رغم أنّ نظام المناسبة التعلّقية لا يحكمها فإنّه "هو الذي يحدّد علاقتها بأقسام الكلام الإسنادية[30] Moignet)1981، ص20) وهي حسب ترتيب قيوم. 

- اسم الذات
- الصفــة
- الفعــل
- الظـرف
- Le substantif
- L’adjectif
- le verbe
- l’adverbe 
 ينتظم هذا التقسيم القيومي في سلمية سماها بالزمن الإجرائي temps opératif الحامل للانتقال "لسان/خطاب"[31] (د.ل2 1971 (48 – 49)، ص162). ويمثل الجانب المحسوس من النفسية النظامية (ن. م، ص 150)، وترتكز عليه تفسيرات قيوم في كـل المواضـع (ن. م، ن. ص) على وجهين حددناهما في (الإحالة 21 أعلاه).  يُمثّل الأوّل منهما أقسام الكلام الإسنادية ويمثل الثاني أقسام الكلام غير الإسنادية التي لم يذكر منهما قيوم إلا الحرف باعتباره جوهر "الفصل" و"الوصل"[32]. وقد مثّل لذلك برسم بياني جاء في (ص 164) من نفس المرجع المذكور: واضح أنّه محكوم بالتمام والنقصان في نظام المناسبة التعلّقية، ينطلق (أي التمام) من قاعدة اسمية أي المناسبة التعلّقية الداخلية، ويبدأ في التقلّص أو النقصان إلى درجة انعدام المناسبة التعلّقية التي مثّلها الحرف عند قيوم رغم اعترافه بعناصر أخرى كما أشرنا(الخطاطة1 أسفله).   
   Discours                                                              خطاب                                                                                                                               Préposition                                                                                                                     الحرفSuspension du mécanisme d’incidence                                  تعليق المناسبة التعلّقية                                               الظرف                                                الفعل- الصفة                                      الاسم                                                                 langue   لسان                                                                                                                     (خطاطة 1)   
 وعلى هذا الأساس جعل الاسم يتميز بمناسبة تعلقية داخلية في مقابل الصفة والفعل والظرف كما أشرنا (ن. م، ص 163). وربط دخول الحرف بموضع تعليق المناسبة التعلّقية باعتباره قائما على "مناسبة تعليقية معلقة une incidence suspendue (ن. م، ن. ص). وبه ندخل جدولالأقسام غير الإسنادية لا باعتباره أول ما يصادفنا  عندما نستقصي على محور الزمن الإجرائي(ن. م، ن. ص)[33]، وإنّما باعتباره آخر ما نجده على المحور لسان/خطاب إذ ليست بعده إلاّ الأداة، دون أن ينفي حلول "اللفاظم المعجمية" التي يحددها اللسان في مستوى الخطاب باعتبار أن(الخطاطة1 أعلاه) محكومة بدلالة الانتقال من اللسان إلى الخطاب. ولهذا سنتحدث عن نظام المناسبة التعلّقية في الثنائية القيومية لسان/خطاب في نطاق ما أسماه قيوم نفسه بتوزيع أقسام الكلام بين اللسان والخطاب (د.ل3 1982 (48-49)، ص 64).       
      4 – توزيع مفهوم المناسبة التعلّقية  بين اللسان والخطاب في النفسية النظامية:  
   يبدو أن نظام المناسبة التعلّقية كما بينّا في الفقرات السابقة يقوم على ازدواجية متعددة الأبعاد تكتنفها ثنائية أخرى وهي الزوج لسان/خطاب[34] المحمول على الزمن الإجرائي "الذي تقوم عليه تقنية التحليل" التي يطلق عليها قيوم اسم "اللسانيات الموقعية"[35] (ب.ل2 1971 (48-49)، ص150). فعلى هذا الزمن العامل الناقل يتحقق نظام المناسبة التعليقية في مستويين اثنين هما مستوى اللسان ومستوى الخطاب، ولذلك نجد عند قيوم مناسبة تعلّقية: 
- داخلية/خارجية
- افتراضية/واقعة
- متحقّقة/منعدمة
- قبلية/بعدية
-منقضية/غير منقضية
- ناقصة/تامة
-         Interne/Externe
-         Virtuel/Actuel[36]
-         Effectif/Suspendu
-         Précoce/Tardif
-         Accompli/Inaccompli
-         Finitude/Complétence
   يقودنا هذا التوزيع إلى أنّه لا توجد مناسبة تعليقية في اللسان وأخرى في الخطاب فحسب وإنّما أيضا يوجد تدرّج في هذا المفهوم، يتخذ من تقنية اللسانيات الموقعية التي يعتبر الزمن الإجرائي محورها في النظرية النفسية النظامية[37] أساسا له. ونقصد الثنائية لسان/خطاب بل الثلاثية باعتبار أن الثنائيات القيومية تحكمها علاقة وسطية.   فمثلا يتوسط مفهوم العتبة seuil وهو مكان انتقال بين مُوَتّريْن Tension أو حقلين بنيويين لمدلول ما (Boone et Joly 1996، ص377)، يتوسّط الخط الوهمي للزمن العامل الواصل للثنائية لسان/خطاب (خطاطة1)، كما أن العلامة اللغوية signe التي جعلها قيوم داخل الجانب السيميائي من اللغة (Boone et Joly 1996، ص ص381-382) تعتبر جسرا رابطا بين المدلول بالقوة والمدلول بالفعل (ن. م، ص383)، كما يتوسط مفهوم الوقوع effection العملية الحاصلة بين مفهومي القوّة puissance  وبالأثر effet (ن، م، ص، 139).   فهذا التداخل الحاكم لنظام المناسبة التعليقية إذن كوّن لنا حافزا أساسيا به سنتحدث عن المفهوم قيد الدرس من خلال "التمام والنقصان" التي جعل منها عاشور منوالا يحكم الكائنات اللغوية. ولكننا نعتبر أن "التمام" خاصية النظام اللغوي المجرّد كما نعتبر النقصان خاصية الأبنية المنجزة لتعذّر إنجاز جملة فعلية تتكون من تسعة "حيزات" يطلبها الفعل نظرا إلى أنّ "الأبعاد المكانية" أو "المحلاّت" يتضمّنها الفعل "نظريا" (عاشور2004أ، ص491). ولذلك فتقسيمنا ناتج عن ضرورة منهجية تقتضي تمييز المفهوم المدروس في اللسان وفي الخطاب مع العلم أنه يوجد تداخل كبير عند قيوم بين المناسبة التعلّقية في اللسان والمناسبة التعلّقية  في الخطاب فيما يخص الفعل باعتبار أنّه (قيوم) اقتصر في تفسير نظام المناسبة التعلّقية على التحام مفهومي الحمل الدلالي والأساس الدلالي وانفصالهما (Boone et Joly1996، ص229)[38]، دون أن يعتبر أن استتار الضمير أو الإضمار عملية تركيبية بها يُخْتزل ضمير الفاعل أو المفعول في الفعل. إذ اعتبر أنّ تضمّن الضمير في الفعل دلالة على التحام الحمل الدلالي بالعماد الدلالي فيه وذلك ما خوّل له في اللاتينية تحقيق مناسبة تعلّقية داخلية، ولكن الالتحام بين الحمل الدلالي والعماد الدلالي نعتبره تماما أو اكتفاء أو تمكّنا يختص به الاسم عن سائر الأقسام. مع العلم أن اللسان رغم نظاميته لا يمكن أن يتحقق فيه التمام المذكور في الاسم باعتبار أن "اللسان" لا يحمل إلا الأحداثprocès، إذ لا توجد أقسام الكلام في اللسان وإنّما توجد عمليات توليدها بما أن "ما يوجد في اللسان هو مجرد أحداث (P.L.T 1973، ص224)[39] وذلك ما وسم نظام المناسبة التعلّقية فيه بالافتراض أو الانعدام في بعض الأحيان.   فالإضمار رغم التعبير عنه بمكوّن مباشر مفرد من الناحية الشكلية فهو مركب معنى. ولذلك لئن تضمّن العنصر الحامل للضمير حملا دلاليا وعمادا دلاليا فلا يعتبر ذلك  في حكم الالتحام وإنما في حكم الانفصال، بما أنّ الإضمار ظاهرة تركيبية لا صيغية صرفية، رغم أن قيوم جعل من تضمّن الفعل للضمير أو للفاعل مبرّرا للحديث عن المناسبة التعلّقية  الداخلية ، فيه.  
أ – المناسبة التعلّقية  للحرف[40] في اللسان :   
  لا يحقّق الحرف مناسبة تعلقية في اللسان بحكم انتمائه إلى أقسام الكلام غير الإسنادية، كما أشرنا، أو لانعدام خاصية التناسب التعلقي فيه. وهي إمكانية حمل المحتوى الدلالي على عماد دلالي ما (Cervoni1991، ص163)[41] أو بحكم دخوله متوسطا بين كلمتين اثنتين أثناء تعليق المناسبة التلّعقية (د.ل2 1971 (48-49)، ص154)[42]. ولذلك فرغم تعريف قيوم له بأنه "كلمة اللسان المخصّصة للدخول بين كلمتين في الخطاب بينهما بَوْن لا يكتنف مناسبة تعلّقية وظيفية"(ن. م، ن. ص)[43] وهو تعريف قريب من رؤية الأدبيات النحوية العربية للحرف منذ سبويه باعتباره يعطي معنى في غيره فقد بيّن Moignet أنّ "كل حرف حامل لمعنى قد يكون مجرد جدّا وغير قابل للتحديد إلاّ أنه غير خال من المعنى"  (Moignet1981، ص218)[44]. أو هو علامة "تحظى بمدلول يمكنه أن يكون مجرّدا" ولكن مهما بلغ مدلوله من التجريد لا يمكن إهماله مطلقا (Cervoni1991، ص164)[45]. ولذلك انحصر دور الحرف في التوسط بين سابقavant ولاحق  aprèsكوّنا عمادين دلاليين للمعنى المتضمن في الحرف مما خول له تحقيق مناسبتين تعليقتين (ن.م ، ن ، ص)[46]، بعد أن كان مع قيوم يتناسب تعلقيا مع "الوسط النفسي الواقع بين كلمتين في الخطاب" (د.ل3 1982 (48-49) ، ص ص 154–155)[47] أي أنه وسيلة للتعلق دون أن يحمل مناسبة تعلقية داخلية أو خارجيّة.

 ب – المناسبة التعلّقية  للحرف في الخطاب :  
   لقد غاب عن قيوم أن تعليق نظام المناسبة التعلّقية (الخطاطة1 أعلاه) - باعتباره وظيفة للكلمات في الجملة (د.ل 31982 (48– 49)، ص185)[48] تنشأ بين الأقسام الإسنادية - ناتج عن ضعف العامل الفعلي في الجملة الفعلية، بما أنّ لقوته (قوة العامل) دورا كبيرا في خلق سلسلة الترابطات الإعرابية الدلالية التي تتحقّق في شبه مقولات ودلالات كلية" تسم الفعل "بالتمام" (عاشور2005أ، ص154)، بما أنّ هذا الترابط الإعرابي الدلالي يقوم على تناسب تعلّقي[49]. ثم أن دور الحرف لا يقتصر فقط على تحقيق مناسبة تعلقية ملغاة بها سينضاف إلى الجملة دور دلالي جديد كان الفعل يطلبه بالقوة، وإنّما يقوم بتوليد التعالقات الإعرابية الدلالية باعتبار أنّه كلمة، والكلمة كما عرّفها قيوم "كيان حامل لإمكانيات الترابط بالجملة (Vassant 1993، ص141)، ولكن هذه الإمكانيات تبقى متضمّنة في الفعل إلى أن يأتي الحرف لإبرازها. ولذلك اعتبره Moignet "يبيّن عنصرا متضمّنا في صيغة الفعل (...)" (Moignet 1981، ص223)[50].   ولهذا فلا نتفق مع قيوم في أنّ دور الحرف كامن في "ملء" فجوة hiatis بين كلمتين تتسمان بانعدام نظام المناسبة التعلّقية أو أنّه يتناسب تعلّقيا مع وسط ما interval، وإنّما يتمثّل دوره في تحقيق مقاصد المتكلّم التي "ضعف" أو "قصر" الفعل عن تحقيقها "فَرُفِدَ" بالحرف عنصرا مساعدا في التعلّق الإعرابي الدلالي. لأنّ الحرف قد يدخل في الكلام"لإيصال" الفعل الواصل بنفسه دون أن يكون مولّدا أو دافعا لنظام المناسبة التعلّقية.1)    أ : سمّيته زيداب : سميته بزيدوقد يحذف تخفيفا (ابن جنّي2000، جI، ص147). ثم أنّه قد يدخل زائدا بمعنى التوكيد (ن. م، ص143). وقد يكون "دخوله مثل خروجه" (ن. م، ص263) وكلّ ذلك لا يؤثّر في نظام المناسبة التعلّقية  في العربية، مع العلم أنّه "ليس في الكلام حرف جرّ غير زائد" (ن. م، ن. ص). ويفسّر ابن جنّي ذلك بأنّ "المقصود بالزيادة" "مخافة أن يظن بحروف الجرّ "لقلّتهنّ" أنّهنّ من أنفس ما وصلن به" (ن. م، ص132). هذا إذا ما أضفنا أن Moignet أثناء حديثه عما أسماه بالتعالي الحرفي transcendance prépositionnelle نفى عن بعض استعمالات الحرف « de »أيّ دور تعلّقي إعرابي مع العنصر السابق له (أي الفعل) وجعل الفعل متعدّيا قبل دخول الحرف (Moignet 1981، ص236).   ولذلك فإنّ ما أسماه قيوم بتعليق المناسبة التعلّقية ناتج عن ضعف العامل الإعرابي كما أشرنا بالإضافة إلى مقاصد المتكلّم. وبالتالي فدور حرف التعدية يتمثّل في "دفع" العاملية الإعرابية الدلالية لخلق تناسب تعلّقي أو تناسبين تعلقيين كما ذهب Moignet إلى ذلك. فلا نعتبر الحرف إذًا يتناسب تعلّقيا مع وسط نفسي يخضع لتعليق نظام المناسبة التعلّقية كما ذهب قيوم، وإنّما مع ضعف العامل الفعلي ليوصله إلى معموله أي معمول الحرف أو "إعرابه" "régime". وذلك ما جعل Moignet يسمه بأنّه حلّ لمسألة التعدية و اللزوم Moigne) 1981، ص220، 223)[51]. وبالتالي فارتباط المناسبة التعليقية للحرف بالخطاب نتيجة إلى أنه "جاء لمعنى" (سيبويه1988، جI، ص12). لا هو معنى الاسم الحاصل من اتصال الحمل الدلالي بالعماد الدلالي في اللسان، أو بعماد دلالي خارجي هو  الأداة في الخطاب. ولا هو معنى الفعل الذي لا يكتمل إلا بعماد دلالي اسمي فاعل. بل هو معنى مفهومي في غاية التجريد يستمدّ وجوده من الفعل ويأخذ أساسه من الاسم الوارد بعده. نسمّي هذا المعنى بالمدلول بالقوة، جريا على تسمية G. GuillaumeوCervoni (Cervoni1991، ص ص140-141).

 5 – المفاهيم المتعلّقة بمفهوم المناسبة التعلّقية في النفسية النظامية :   
  في إطار حديث قيوم حول نظام المناسبة التعلّقية في اللسان، تطرّق إلى موضوع الإحالة معتبرا أنّ نظام المناسبة التعلّقية بمثابة "الحركة (...) التي من خلالها يوجد محمول دلاليapport de signification وإحالة من الحمل الدلالي apport إلى العماد الدلاليsupport(ن. م، ص137)[52]، وvassunt) 2005، ص19). خاصّة أنّ (Boone وJoly) قد عرّفا نظام المناسبة التعلّقية بكونه "إوالية تتحكم في العلاقة حمل دلالي وعماد دلالي" أو هو الملكة التي من خلالها تحيل الكلمات إلى عماد دلالي ما Boone et Joly)1996، ص229)[53]. فهذه العلاقة الإحالية بين حدّي المناسبة التعلّقية جعلتنا نبحث في علاقة الإحالة[54] بالمفهوم قيد الدرس.
 أ – مفهوم الإحالة: 
   أسندت عدة تعريفات إلى مفهوم الإحالة نظرا إلى تعدّد مظاهر الاهتمام اللساني الإعرابية والدلالية والتداولية والعرفانية (...) لما يثيره من تعيين للحقائق غير اللغوية Réalité extra-linguistique أو التصوريّة باعتبار أنّ اللغات الطبيعية لها القدرة على بناء الكون الذي تحيل عليه (Ducrot 1995، ص360) و(قينيني2000، ص33)، بما أنّ التعيين designationهو الوظيفة الأساسية للغة حسب J.C. Milner (Mouchler 1994، ص133، 155). وقد رادفMouchler بين التعيين والإحالة (ن. م، ص155) معتبرا أنّ هذه الإحالة أو التعيين لا يمكن أن تتحقّق في اللغة في حالة الإفراد وإنما أثناء التركيب ولذلك عرّفها بأنّها "ظاهرة تتعلّق باللغة أثناء الاستعمال لا باللغة أثناء الإفراد" (ن. م، ص156)[55]. فهذا التوجه التداولي في الإحالة لا يتفق كثيرا مع ما ذهب إليه قيوم عندما ربط نظرية المناسبة التعلّقية بما أسماه "الحركة العامة للسان" والمتمثلة في "وجود محمول دلالي وإحالة من الحمل الدلالي إلى العماد الدلالي" (د.ل2 (1971 (48–49)، ص137). ولذلك سنتحدّث عن الإحالة باعتبارها عملية متضمّنة في نظرية المناسبة التعلّقية من جهة الحدّين (أي حدّي المناسبة التعلّقية (الحمل الدلالي والعماد الدلالي))، دون أن نهمل الوجه الآخر الذي رادف فيه قيوم بين النظريتين (أي نظرية المناسبة التعلّقية ونظرية الإحالة) أثناء حديثه حول الصفة "الإحالة أي المناسبة التعلّقية  (...)" (ن. م، ن. ص) مع العلم أنّنا نعتبر هذا التوازي أو الترادف بين النظريتين من باب تسمية الجزء بالكل.

à  الإحالة والعلاقة حمل دلالي/عماد دلالي :  
  إذا ما انطلقنا من المفاهيم القيومية التي تتداخل فيها نظرية الكلمة (الإحالة 6 أسفله) ونظرية المناسبة التعلّقية[56]، ونظرية الإحالة عندما كانت تصوّرية ذهنية[57] منذ دي سوسير باعتبار أنّ قيوم رغم حديثه عن الكلمة من جهة تولّدها أو نشأتها أو من جهة توقّعها التركيبي، قد نفى وجود (الكلمة) علامة signe كما أشرنا، معتبرا أن ما يوجد هو سمة الكلمة أو خاصّيتها (د.ل21971 (48 – 49)، ص143)[58]. ولذلك عدّل قيوم من العلاقة التي حدّدها دي سوسير وهي أنّ العلامة "لا تشتمل على شيء واسم وإنّما على مفهوم وصورة ذهنيّة" (Ducrot 1995، ص360). ولذلك أفرغ العلامة من محتواها السوسيري، إذ اشترط دلالة العلامة بوجود "المدلول النفسي" الذي تؤدّي إليه وبالتالي أصبحت الدلالة signification عنده نتاج العلاقة بين العلامة اللغوية والمدلول، بما أنّ العلامة حسبه تنتمي إلى البنية السيميائية" التي ينتفي فيها المعنى عند قيوم(Boone وJoly1996، ص ص381-383) وكأنّ أهمية العلامة عند قيوم تقتصر على "ترميز المعنى".   فالوظيفة الإحالية fonction référentielle أو القيمة الإحالية valeur référentielle [59] عند قيوم إذاً، وإن اختلف مع دي سوسير في هندسة انبناء المعنى، غير مرتبطة ارتباطا مباشرا بالعالم الخارجي كما هو الحال عند الفلاسفة والمناطقة وبعض الدلايين، وإنما هي سمات نفسية أو تمثلات تثيرها الكلمة في الذهن باعتبار أنّ اللغة تعبير ذهني قبل أن تكون ظاهرة عاكسة للواقع وذلك هو مذهب دي سوسير. إذْ أنّ الإحالة عنده "ليست نتاجا لموضوع حقيقي وإنّما نتاجا لموضوع فكري" (Dubois1994، ص404)[60]. وبالتالي فإنّ العلاقة حمل دلالي/عماد دلالي أو حمل دلالي/شخص[61] أو إحالة الحمل الدلالي على العماد الدلالي لا تحدّد الكون الخارجي للكلمة وإنّما تحدّد نظامية الكلمة وبنيتها داخل الذهن. وهذا يكاد يتفق مع الهدف الذي رسمه (Fauconnier 1984) في نظرية "الفضاءات الذهنية "les espaces mentaux وهي"دراسة صيغ أبنية الفضاءات والعلاقات التي تحكمها"، انطلاقا من علاقات إحاليّة لا مع الأشياء في الكون "وإنّما (...) بين الكلمات والأبنية الذهنية التي يقيمها المتكلّم/المخاطب" على عكس ما يجري في نظرية العوالم الممكنة (Mouschler1994، ص158)[62]. ولذلك يقترب مفهوم الإحالة بين حدّي المناسبة التعلّقية عند قيوم من نظرية الإحالة عند العرفانيين. ولكن قيوم يضيف نوعا ثالثا من الإحالة دون أن يصرّح به يمكن أن نطلق عليه اسم "الإحالة الخطابية" أو "الإحالة التركيبية" تلك التي يُحقّق فيها الفعل القويّ مناسبتين تعلّقيتين إحداهما مع الفاعل والأخرى مع المفعول باعتبارهما أساسيين دلاليين يطلبهما الفعل الواصل مباشرة أو بواسطة في بعض السياقات. وهذا قريب مما سمّي بالتعلق[63] valence عندTesnière. مع العلم أنّ Tesnière لم يستعمل في هذا المجال حسب اطلاعنا – ثنائية حمل دلالي/عماد دلالي المحدّدة لما أسميناه بالإحالة الخطابية، وإنّما استعمل فقط مفهوم المناسبة التعلّقية الإعرابية incidence syntaxique والمناسبة التعلّقية الدلالية incidence sémantique،معتبرا أنّ وجهتهما التحقّقية مختلفة (Tesnière1965، ص43)، (وانظر بالتحديد المشجّرstemma، 22 و23). ويحدّد المثال (2) ما ذهب إليه Tesnière.  
2 -       العلم نور                        العلم نور       اتجاه المناسبة                     اتجاه المناسبة             التعلّقية  الدلالية                   التعلّقية  الإعرابية 
خطـاطـة 2   
 ويبدو لنا أنّ ما أسماه قيوم بالمناسبة التعلّقية الخارجية جاء عند Tesnière باسم المناسبة التعلّقية الدلالية لاشتراكهما في الاتجاه. وإذا حاولنا أن نبيّن ما أسميناه بالمناسبة التعلّقية الخطابية أو التركيبية من خلال (2) نعتبر على غرار قيوم أن "العلم" هو العماد الدلالي للحمل الدلالي الذي تدل عليه الصفة (نور) باعتبار أنّ الصفة هي إخبار عن شيء ما لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بالاستناد على عماد دلالي (هو هنا "العلم"). ولذلك أكّد قيوم أنّ المناسبة التعلّقية للصفة لا يمكن أن تتمّ إلاّ في الخطاب. وما يجري على الصفة يجري على الفعل مع تحويرات طفيفة تتعلق بمفهوم الشخص. 

ب – مفهوم الماصدق [64]extension / الإتّساع Extensite   
عرّف Dubois مفهوم الماصدق محدّدا علاقته بالمفهوم [65] compréhension الذي يلازمه حسب (Boone وJoly 1996، ص106). على أنّه قد يشكّل ثنائية مع القصدintension"  حسب الثنائية الأنكلوسكسونية. وقد عرّفهما قينيني معتبرا "أنّ ما صدق اللفظ هو مجموع الأفراد التي يشير إليها ذلك اللفظ وتصدق عليه. أما القصد فهو مجموع الخصائص المشتركة بين جميع الأفراد" (قينيني2000، ص37) و( ألفة يوسف2003، ص9).   لا تختلف هذه التعريفات عما ذهبت إليه (Boone وJoly 1996، ص106، 171) ولكننا نفهم من استعمال قيوم للمصطلحين أنهما يتخذان معنيين اثنين: أحدهما عامّ يتعلّق "بالفكرة الكلية التي يأخذها الإنسان عن اللغة" باعتبارها "(...) كون مرئي تكوّنه مصطلحات ناتجة عن (...) ترجيحخاص وما صدق عام" (P.L.T 1973، ص258)[66]. ولهذا اعتبر أنّ الكلمة unité de puissance مهما كان نوعها تقوم على "توازن ثابت، غير متغيّر بين حركة القصد المتّجهة إلى الخاص وحركة الماصدق المتجهة إلى العام" (ن. م، ص ص258–259)[67]. وثانيهما خاصّ هو ما ركزت عليه Boone وJoly في الثنائية: الماصدق المادي[68] extension matérielle، والماصدق الشكلي     extension formelle    أو الاتساع extencité، أو الاتساع الخطابي (وهي التسمية التي ظهرت في أواخر الأربعينات (Boone وJoly1996، ص171) * من القرن الماضي عند قيوم. ولذلك فإنّ استعمالنا لكلمة ماصدق نعني بها الاتّساع لما بين المفهومين من تداخل في الفكر القيومي.  لا يقتصر مفهوم الاتّساع على الأشكال الموجهة وإنّما يتعلّق أيضا بالعمليّة التي تحدثها الأداة باعتبارها ناظما للاتّساع[69]régulateur d’extension.  ينقل الاسم من مناسبة تعلّقية داخلية في اللسان إلى خارجيّة في الخطاب، بما أنّها (أي الأداة) تحلّ محل العماد الدلالي الذي كان الاسم يتضمّنه. وهذا الحلول يكسب الاسم في الخطاب مناسبة تعلّقية خارجية مع أساس هو الأداة، كما ينقل الصفة من مناسبة تعلّقية خارجية من درجة أولى إلى مناسبة تعلقية داخلية، نظرا إلى أنّه لا يكفي أن يحقّق "الحمل الدلال  « homme » مناسبة تعلقية مع عماد دلالي) يتعلّق بطبيعة الحمل الدلالي homme، وإنّما أيضا "يتلقى العماد الدلالي في الذهن اتّساعا  يتلاءم مع التحقّقات الوقتية في الخطاب" (د.ل3 1982 (48 – 49)، ص62)[70]. ولذلك تأسّف قيوم على أنّ النحو المدرسي في فصل قسم الاسم قد تضمّن الصلة بين المفهوم compréhension والماصدقextension ولم يهتمّ في نفس القسم بالصلة بين المفهوم وتغيّرات الاتّساع  variation d’extensité (P.L.T 1973، ص260)، تلك التغيّرات التي جعلته يقرّ بوجود بعض التغيّرات في نظام المناسبة التعلّقية في الخطاب ممّا يؤدّي إلى أن يتّخذ الاسم سمات الصفة أو تتّخذ الصفة سمات الاسم (د.ل2 1971، (48–49)، ص138)[71] ويمكن أن نمثّل لذلك ب (3).أ – العلم نور.ب – النور موهبة يقذفها الله في قلب المؤمن.إذ تمّ انتقال الصفة (نور) من مناسبة تعلّقية خارجية من درجة أولى في (3أ) إلى مناسبة تعلّقية داخلية (3ب) وذلك ما أطلق عليه قيوم اسم المناسبة التعلّقية الاتساعيةincidence à l’extensivité  (د.ل2 1971 (48-49)، ص139)، وانظر الخطاطات التي حدّد فيها تحقيق الصفة "لسلّمية اتساعية نبيّنها في الجدول التالي :   
درجة الاتساع
المثال
اتساع كلّي     extension totale
جميل
اتساع ضمني    extension immanente
الجميل
اتساع متعال extension transcendante
الجمال
                                      (جـدول 2)

   فهذا الانتقال أو التدرّج أو تبادل الأدوار الذي يتّضح في (3أ و3ب) والذي وسمه قيوم بالاتساع هو من جهة أخرى مقولة خطابية يتّسم بها الكلم بعد دخوله في الخطاب قد يكون لمفهوم الموضع فيها دور كبير، لما له من قدرة على استيعاب الظواهر اللغوية، مثله في ذلك مثل الحرف الذي يختزل الجملة رغم قلّته. فهذا الإختزال أو الإتساع في المعنى الذي يتسم به الحرف وعلاقته بالتعدية هو ما سنهتمّ به في الأبواب الأربعة المتبقّية، انطلاقا من مؤلّفين اثنين دون أنْ نُهمل الجانب النظري المتمثّل في نظرية المناسبة التعلّقية.


خاتمـــة


   لقد أثارت نظرية المناسبة التعلّقية عدّة إشكاليات لما تحمله من تعقّد وتداخل مع نظرية الكلمة و"نظرية الإحالة (الإحالة54 أعلاه) من الناحية المفهومية والإجرائية؛ إذ اعتبر قيوم نظام المناسبة التعلّقية من الناحية المفهومية شكلا من الأشكال الموجّهة المؤدّية بالكلمة إلى مقولتها الفرعية، كما اعتبره من "الأوليات الدلالية المقولية الكبرى التي تُمقْول الكلمة في قسم الاسم والفعل ونقصد (مقولتي الزمان والمكان). وأما من الناحية الإجرائية فقد تراوح نظام المناسبة التعلّقية عند قيوم بين التحقّق والإلغاء أو المباشرية وعدم المباشرية أثناء دراسته للتعدية واللزوم(دروس12، 19 ماي، و02 جوان سنة1949) (د.ل2 1971 (48-49)، ص ص175 –200) ممّا حدا به إلى جعل الفعل المتعدّي تاما واللازم ناقصا خلافا لما انبنت عليه الأدبيات النحوية العربية حسب مذهب سيبويه الّذي ساوى بين المتعدّي واللازم في استيفائهما لأدوارهما الدلالية. وقد حاولنا أن نجد حلولا لهذا النقصان الذي هو نوع من التمام عندنا، فأرجعناه جريا على المنوال النحوي العربي إلى اكتفاء الفعل بالفاعل لضعفه وقصوره عن بلوغ محلّ النصب مما يستوجب دخول الحرف، كما أرجعنا ما أسماه قيوم بالتمام في الفعل المتعدّي إلى قوّته وتجاوزه للفاعل. باعتبار أنّ قيوم يدمج الفعل بنوعية في ما أسماه بالأقسام الإسنادية.
   ولذلك اعتبرنا أنّ للحرف مناسبة تعلقية مع الفعل الضعيف بما أنّه "مولّد" إعرابي دلالي حسب تعبير عاشور، ونظرا إلى أنّ Moignet خلافا للنظرية النحوية العربية التي تعتبر أنّ "الحرف كلمة دلّت على معنى في غيرها" (ابن يعيش، (د.ت) ج8، ص2)، جعل للحرف معنى مجرّدا وسمناه بالمدلول بالقوّة (جدول11 أعلاه) لاختزاله النواة الإسنادية أو الجملة بكاملها أو لفعليته حسب توجّه (الشريف2002، ص ص520–523) أو لما ذهب إليه H. Frei من أنّ الحرف فعل متعدّ مكثّفCervoni1991، ص164، هامش87). ولذلك أعدنا النظر في التصنيف القيومي لأقسام الكلام من خلال مبدأ المناسبة التعلّقية.
   إذ اقتصرت المناسبة التعلّقية الداخلية عندنا على الاسم في اللسان لكونه محقّقا للعلاقة حمل دلالي apport  عماد دلالي support أي تعيين الحمل الدلالي لعماد دلالي لا يخرج عن الحقل الدلالي الذي يحيل عليه، واعتبرناها خاصية الاسم بما أنّه يدلّ "على معنى في نفسه" (ابن يعيش، (د.ت)، ج8، ص3). وأمّا المناسبة التعليقية الخارجية فتشترك فيها الصفة والفعل والظرف لافتقار الصفة والفعل إلى الاسم باعتبار أنهما متحدّث بهما ولا فتقار الظرف إلى نواة إسنادية يتعلّق بها. 



الهوامش
[1] - « Il nous faut maintenant examiner les conditions qui président à la définition, dans la catégorie nominale, de la sous catégorie du substantif et de l’adjectif .Et l’examen de ces conditions va nous conduire a faire intervenir, au nombre des formes vectrices menant à la partie du discours, une notion nouvelle, très importante, dont, avant nous (…), aucun grammairien n’a fait état. Cette notion est celle d’incidence ».

نشير إلى أنّ (د, ل2، 1، ...)  إختصار لـ"دروس لسانية2، 1، ..." التي هي ترجمة لــــ

  .  (LL1, 2, …، ويرمز لها بـ Leçons de linguistique

[2]  - Les formes vectrices sont des notions imparticulières (…) qui, dans les langues à mot de type indo-européen, s’ajoutent à la notion particulière pour mener le mot à sa catégorisation … ». (Boone et Joly 1996, p. 185)
[3]  - التوقع أو التهيؤ بنية مجرّدة تجعل الكلمة قابلة للانتماء في اللسان إلى إحدى مقولتي الفضاءespace  أو عالم الفضاء univers–espace، والزمان  temps أو عالم الزمان univers temps المحدّدين على التوالي لمقولة الاسم والفعل. ويبدو أنّ هذا التوقّع أو القابليّة يتحقّق في الكلمة منذ نشأتها في اللسان langue نظرا إلى أنّ قيوم في مقارنته بين marche و marcher قد اعتبر أنّ التوقّع فيهما "غير متكافئ من جهة الاتصاف بعلامة الزمان (P.L.T 1973، ص202) معتبرا أنّ ملكة الاتصاف بالزمان منعدمة في marche »  « ومتطورة في marcher" إلاّ أنّه لم يُقصر التوقّع في الكلمة على تلكما الملكتين (أي الفضاء والزمان) وإنّما أضاف ملكه ثالثة هي ملكة المناسبة التعلّقية، مُقسّما إيّاها إلى مناسبة تعلٌّيّة ذاتية incidence en soi-même ومناسبة تعلّقية  غيريّةincidence en dehors de soi-même (الإحالة 4 أسفله).

نلاحظ أنّ مفهوم التوقّع الذي استعمله قيوم في درس 13جانفي 1954 والواقع في P.L.T)ص ص201–205) لم تذكره Annie Boone و André Joly في قاموسهما المخصّص لمفاهيم النفسية النظامية كما أنّهما لم يتطرّقا إلى مصطلح قريب منه وهو مصطلح Destination المذكور في نفس الدرس لأمور نجهلها.

[4]  - « Mais la prévision d’effet ou, si l’on veut, d’emploi qui s’attache à un mot ne porte pas seulement sur la possibilité que s’octroie le mot de se faire entendre finalement dans le temps ou dans l’espace, elle porte, sur d’autres modalités d’application parmi lesquelles figure celle que je nomme l’incidence en soi-même ou en dehors de soi-même).
[5]  - " فبنظام المناسبة التتعلّقية  يختلف الاسم nom عن الفعل اللذين يتم إدراك مناسبتيهما التعلّقيتين النهائيتين – في اللسان – على التوالي في عالم الفضاء وعالم الزمان".

« C’est par le régime d’incidence que se distinguent le nom et le verbe, lesquels ont respectivement leur incidence finale d’entendement celle de langue – à l’univers espace et à l’univers – temps ».

[6] - « On distingue là dans chaque mot, quel qu’il soit deux opérations de pensée consécutives et liées :

a) L’apport de signification.

b) Le transport de la signification apportée à un support et, pour ce qui est de cette seconde opération, deux cas :

1 - Celui où le support se trouve compris dans la signification apportée.

2 - Celui où le support ne se trouve pas compris dans la signification apportée ».

[7]  - يعتبر تعدّد مصطلحات المفهوم الواحد معضّلة كبرى تواجه دارس قيوم رغم أنّ بعض المصطلحات قد استقرّت في دروسه الأخيرة التي جمعت في (P.L.T).
[8]  - ترجمة لـ indication psycho-morphologique وهي تسمية خص بها قيوم مفهوم المناسبة التتعلّقية .
[9] - « Ce mécanisme, dont Guillaume réclame la paternité, était déjà quelque peu esquissé dans la grammaire traditionnelle ».                                                                                                            
[10]  - فالأشكال الموجهة لمقولة الكلمة (...) في الفضاء هي تلك التي نجدها في قسم الاسم nom وهي المحدّدات المقولية التالية " الجنس" و "العدد" و"الحالة الوظيفية" و"الحالة الإتساعية" و"نظام المناسبة التعلّقية وداخل هذا النظام يوجد الشخص الخادم للعمادالدلالي و الحمل الدلالي المعنوي".

« Les formes vectrices qui portent le vocable à se catégoriser, (…) dans l’espace sont celles qu’on rencontre dans le nom dont elles sont les déterminants catégoriels, a savoir : le genre, le nombre, le cas fonctionnel, le cas extensif, le régime d’incidence et dans le cadre de ce régime, la personne servant de support à l’apport de signification ».

[11]  - «  (…) ce qui ne simplifiait pas le problème, à lire Gustave Guillaume, on découvrait que, d’une année à l’autre, parfois dans des leçons distinctes de la même année (...), il reformulait différemment sa pensée sur une même question ».  
[12]  - «  (…) Un mot qui est un sémantème, ne contient pas seulement des indications relatives à sa signification fondamentale : il contient en outre des indications relatives à l’emploi auquel il se destine à, celui, plus ou moins limité, qu’il prévoit pour lui-même, et c’est dans le champ de cette prévision que le mot se délimite et détermine son espèce ». (201ص ،P.L.T).
[13]  - « Un mot par constitution apporte avec lui les possibilités associatives en phrase. De sorte que la structure de la phrase apparaît conditionnée, et jouée par la structure du mot ».
[14] - « Le mot est (…) un groupement immédiat d’éléments formateurs sous une condition formelle intégrante ».
[15]  - لتفادي التداخل الواقع بين مصطلحي « nom » ; و substantif عند قيوم رغم تحديده لهما معتبرا أنّ substantif مقولة فرعية و nom مقولة كبرى (الإحالة 1) اقترح علينا الأستاذ المشرف ترجمة substantifبالاسم الذات بما أنّ الاسم في الأبجدية النحوية " قسم من الألفاظ يشتمل أنواعا عدّة متوزّعة في أصناف) (الشريف2002، ج1، ص68)
[16] - « Il est de toute évidence que le substantif et l’adjectif, qui ensemble constituent la partie du discours dénommée nom, se distinguent par un différent mécanisme d’incidence ».
[17] -  « C’est par le régime de l’incidence que se distinguent le nom et le verbe »

 [18]- يتقابل مفهوم الإدراكEntendement  في "نظامية الكلمة: مع مفهوم التبيّن – discernement وهو (عملية إنتاج أوّلي للمادة المفهومية التي تكوّن أساس الكلمة" ، باعتبار أنّ الإدراك : هو عملية نتاج ثانية للشكل المتحقّق". وقد يستعمل الإدراك بمعنى فلسفي يختفي معه معنى التقابل مع مفهوم التبيّنBoone) و Joly، ص131).

[19] - «  (…) le nom, le mot dont l’entendement s’achève à l’espace et le verbe : le mot dont l’entendement s’achève au temps ».
[20]  - لا يلتزم قيوم بهذا التقسيم الخفي (أي المناسبة التعلّقية الكامنة في المقولات الكبرى، والمناسبة التعلّقية المتحقّقة في المقولات الفرعية)، ذلك أنّه في محاضرة (17 مارس 1949 جعل من ارتباط جذر الكلمة la base du mot – وهو ما أطلق عليه اسم الخاص le particulier في درس 31 مارس من نفس السنة – بالأشكال الموجهة أو غير الخاص l’imparticulier  بمثابة منشأ المقولة الفرعية التي هي الاسم الذات أو الصفة (د.ل2. 1971 (48 – 49) ص 138) ولكنه في درس 31 مارس المذكور والواقع بين الصفحتين (141 – 147) جعل من الخاص وغير الخاص مكونين للمقولة الكبرى أي nom التي ترجمناها بالاسم (د.ل2 1971، (48 – 49)، ص144). 
[21]  « Il y a donc dans le temps opératif porteur de la transition langage discours deux grandes phases opposables, séparées par un seuil (…).

- Une phase première où le mécanisme d’incidence joue ;

  - Une phase seconde où le  jeu de ce mécanisme est suspendu.

[22]  - تحدّث Jean Claude Milner في كتابه « Introduction à une science du langage عن فرضيتين اثنتين، إحداهما تتعلّق بمفهوم الحيّز site والأخرى تتعلّق بمفهوم الموضع Position ، فقسّم الأولى إلى قسمين وحدّد علاقة الثانية بالأولى :

- قسم يقوم على "تشارط" الكلمة والحيّز Milner) 1989، ص291) أسماه بعلاقة الإشغال Relation d’occupation تتضمّنه أغلب النظريات الإعرابية (ن.م، ص293) حدّد فيه علاقات إعرابية رمز لها بـ« W » وعلاقات معجمية رمز لها ب « R » مبرزا إناطة موضوع الإعراب بالحيّز والعلاقات « W » (ن. م، ص193)، فاصلا بينه والمعجم الذي يتوقّف دوره على "ملء" الحيّزات و"إبرازها" (ن. م، ص292) ، وهذا قريب مما ذهب إليه الشريف في تعريفه للعمل الإعرابي الذي نفي أن يكون نتيجة إجراء "العلاقة بين الألفاظ" وإنّما "العلاقة بين المحلات" (الشريف2002، ج ص ص753–754) لو أبدلنا مفهوم المحل الذي استعمله الشريف بمفهوم الحيّز الذي استعمله Milner.

وفي هذا النطاق ميّز Milner بين نظريّة في الإعراب ونظريّة في المعجم (ن. م، ن. ص) خلافا لقيوم الذي جعل من الكلمة فضاء للسمات التركيبية الإعرابية (الإحالة 15 ،16 أعلاه).

- قسم ثان "بقي منسيا" Milner) 1989، ص293) أسماه  Milner بالوسم المقولي (l’étiquetage catégoriel) تجاوزا لمفهوم الاسم المقولي le nom catégoriel الذي يتسم "بوظيفة اختزال جزء من الخصوصيات الأصلية للعبارات " في النظرية المعجمية (ن. م، ن. ص).

   وأما الفرضية الثانية، أي فرضية الموضع فقد ربطها Milner بالأولى من جهة كونها "تأويلا خاصا" لها" (ن، م، ص300) رغم اعترافه بصعوبة التمييز بين مفهومي "الحيّز" و"الموضع" باعتبار أنّ أغلب "النظريات الإعرابية غير دقيقة في التمييز" بينهما (ن . م، ص299) واستدل على ذلك "بالتمثلات الشجرية" (الإحالة10، ص300 من الكتاب). وهذا التداخل الموجود عند Milner "بين الحيّز" و"الموضع" وجد في النحو العربي بين مفهومي "المحل" و"الموضع". وقد تجاوزه عاشور عندما ربط مفهوم الموضع "بالعناصر الواقعة في المحل" (عاشور2004أ، ص549، الإحالة1) ولذلك عرّف المواضع بأنّها "ظروف مكانية تنزل بها تصرفات الاسم الواقع في الحيّز وتغيّراته" (ن، م، ص374). ولكن هذا التجسيم الذي ارتبط بالموضع مع عاشور كان قد ربطه الشريف "بالمحل الإعرابي" لما عرّفه بأنّه "التجسيد الفضائي للمقولات" (الشريف2002، ص753) محاولا فصل المحل عن الموضع رغم اعترافه بارتباطهما في النظرية النحوية العربية منذ سيبويه (ن، م، ص755).

وهذا التجسيد الذي ارتبط بالمحل عند الشريف نجده عند ابن يعيش "يتسع" تارة فيأخذ المكتوب كاملا ويضيق أخرى فلا يأخذ إلاّ حرف الإعراب الذي يعتبر آخر مكونات الكلمة الحاملة لعلامات الإعراب اللفظية (ابن يعيش (د.ت)، جIص ص50–51).
   فإذا كان Milner قد ربط بين فرضيتي الموضع والحيّز Milner 1989، ص174) فإنّ النحو العربي قد جعل هذا الربط بين المحل والموضع. "فموقع كلّ محلّ (...) هو موضعه" (الشريف2002، ص754)، لوضوح مفهوم الحيّز فيه باعتباره "مواقع" فضائية يتضمّنها مفهوم الرفع ومفهوم النصب اللذيْن حمّلهما عاشور حيّزات بمقتضى الوظائف الداخلة تحتهما. (أنظر فصل ، تصنيف وظائف الرفع (352– 370) وفصل الاسم في حالة النصب (380–416) في (عاشور2004أ) ولذلك ارتبط مفهوم الحيّز عنده بالعملية الإسنادية الناتجة عن تعلّق العامل بالمعمول (وهما "محلان" حسب (الشريف2002، ص780) "فللاسم حيّزان ، مسند ومسند إليه وللفعل حيّز واحد هو كونه دائما مسند إلى الاسم" (عاشور2004أ، ص549) الإحالة 1). إلاّ أنّ مفهوم الحيّز أخذ عند الشريف معنى أوسع شمل كلّ النواة الإسنادية إذ أطلق اسم الحيّز على المجال المحصور بين "منبع العمل" و"مورده: أي "مجال انغلاق الدورة العاملية" (الشريف2002، ص780) ولذلك اعتبر أنّ النواة الإسنادية هي "أصغر حيّز للعمل الإعرابي" (ن. م، ص781).

[23]  - أنظر P.L.T) 1973، ص ص (204–206) و (د.ل2 1971 (48–49)، ص ص145–146) و (د.ل3 1982 (48–49)، ص55، 59، 62، 67).
[24]  - ترى Boone و Joly أن الخطاب عند قيوم "ليس خاصا بتعيين قول أكبر من الجملة"

 Pour Guillaume, discours ne désigne pas exclusivement un « énoncé supérieur à la phrase .

[25]  - أنظر( د.ل3 1982 (48 – 49)، ص62) و (د.ل11 1992 (44 – 45)، ص115).
[26]  - Un mot, en tout état de cause, est un apport de signalisation, et il se destine un support ».
[27]  - لمقولة الشخص personne أيضا دور كبير في التمييز بين الأقسام عامة والصفة والفعل خاصة لاشتراكهما في نفس الدرجة من المناسبة التتعلّقية  باعتبار أن العماد الدلالي support يقع خارج الحمل الدلالي apport أي أنّ مناسبتهما التتعلّقية تتمّ بعديا في الخطاب، ومن هنا يأتي دور الشخص الرتبي personne ordinale الذي يتضمّنه الفعل في اللسان ويحقّق معه مناسبة تتعلّقية داخلية ملغاة خلافا للصّفة التي لا تتحقّق مناسبتها التتعلّقية  مع الشخص إلا بعديا في الخطاب (د، ل2 1971 (48 – 49)،  ص145).
[28]  - أنظـر  

C. Buridant : La substantivation de l’infinitif en français Aperçu Historique, Internet.
وفقد حدّد مقاييس ثلاثة من خلالها جعل المصدر l’infinitif جسر اتصال بين مستوى الفعل ومستوى الاسم، كانت المناسبة التتعلّقية هي المقياس الثالث من هذه المقاييس.
[29] - « On aura ainsi pour les parties de langues dites lexicales que Guillaume a dénommé « prédicatives », dont la caractéristique fondamentale est de pouvoir se construire directement les unes avec les autres mais selon un ordre d’incidence hiérarchisé (…) ».

[30]  - « les parties de langue non prédicatives ne sont pas liées entre elles par le mécanisme de l’incidence (…). Mais c’est bien le principe de l’incidence qui détermine leurs rapports avec les parties de langue prédicatives ».

[31]  - « le temps opératif porteur de la transition langue / discours »
32- تتسم حروف التعدية بدور الحاجز باعتبار أن الاسم بعدها "لم يفض" "إليه النصب الذي يأتي من الأفعال" ولكنهاأيضا تلعب دور الموصل للأفعال القاصرة أو الضعيفة (ابن جني 2000، ج1، ص135) و (ابن يعيش (د.ت)، ج8، ص ص8-9).
[33] - «  Et c’est en allant plus loin encore dans le temps opératif ( ..) qu’on engendre la préposition, laquelle n’a plus son incidence a une incidence (…) mais a une incidence suspendue »

[34]  -  لم يعد اللسان langue  عند قيوم في علاقته بالنظام مجرّد "نظام" كما عند سوسير وإنّما أصبح "نظام أنظمة" أو "اندماج منظّم لأنظمة (...) يتداخل بعضها في بعض" (Moignet1981، ص1) أو هو "نظام كبير شديد التماسك يتألف من مجموعة أنظمة مترابطة فيما بينهما بعلاقات تعلّقية نظامية (...)" P.L.T). 1937. ص176).

« La langue (…) est dans son ensemble, un vaste système d’une rigoureuse cohérence, lequel se recompose de plusieurs systèmes reliés entre eux par des rapports de dépendance systématique (…) ».

وأما الخطاب فليس فيه للتماسك أهمية كبرى (Moignet 1981، ص5)  باعتبار أنّه "(...) تعبير وقتي"momentané شفويا كان أم كتابيا" (Boone et Joly 1996، ص132).

أو أنه "خاضع للوقتية" (P.L.T. 1973، ص203( « le discours est tributaire de la momentanément) ولذلك فهو "كل ما نتج عن عمل العبارةd’expression  acte" (Boone et Joly1996، ص132)  وعمل العبارة "نشاط اختياري لموضوع حديث يستدعي وسائط تنظّمه لتكوين جمل بها ينشأ الخطاب " (ن. م. ص22)

« Activé volontaire du sujet parlant qui (…) fait aux moyens de langue dont il dispose pour former des phrases dont l’ensemble constitue le discours ».
وحسب قيوم ينتمي اللسان إلى مستوى المدلول بالقوة le plan de puissant، والخطاب إلى مستوى المدلول بالفعل Le plan d’effet  (ن. م. ص139).

[35] - « c’est (…) sur ce temps opératif (…) que se fonde la technique analytique que nous nommons linguistique de position ».
[36]  - Le mot « actuel désigne ce qui existe effectivement dans l’instant de parole, ce qui se produit ou existe aux moments présent ; l’actuel est donc par  définition le présent » (Boone et Joly 1996, p36) 


[37]  - وسمت النفسية النظامية القائمة على تقنية موقعية بأنها منوال ناتج عن اهتمام قيوم باللسان لإعادة بناء نظاميته باعتباره "نظام أنظمة" (P.L.T. 1973، ص93) متداخلة كي يجد تفسيرا واضحا لما أسماه بالمدلول بالقوةsignifié de puissance "وهو القيمة الأساسية لشكل ما"  Boone et Joly)1996، ص383) أو هو"القيمة العامة للوحدة اللغوية" ( Ducrot1995، ص70P.L.T  1973، ص93). وقد اعتمد قيوم في ذلك حسب R. Valin على المنهج المقارن الذي اتّبعه بعض اللسانيين بين اللغات ولكن قيوم لم يذهب نفس المذهب وإنّما اعتمده في النظام اللغوي الواحد لا بين الأنظمة اللغوية كما فعل أسلافه، ممّا حدى به إلى جعل المدلول بالقوة حالة أولى في اللسان تفسّر تعدّد المدلول بالفعل signifie d’effet  أي الجملة في الخطاب (Dicrot 1995، ص69)، عبر عملية تحقّق انتقال الكلمات من اللسان إلى الخطاب سماها قيوم بالوقوع actualisation  أو التأثير effection (Boone et Joly 1996، ص27، 139).


[38]  - « l’incidence est soit interne, soit externe. Elle est interne lorsqu’elle ne sort pas de ce que le mot connote, c'est-à-dire lorsque l’apport et le support de signification ne peuvent être dissociés (…) l’incidence est externe lorsque l’apport et le support de signification sont dissociés, et qu’il y a, par conséquent, incidence à un support pris en dehors du mot ».
[39]  - « (…) tout (…) dans la langue est procès ».
[40] - تسائل قيوم فيما يخص الحرف عن مدى قدرته على الوصول إلى "وضع أسس نظرية في الحروف صحيحة على الأقل" (د.ل2 1971 (48-49)، ص165) معتبرا أنّ ذلك لا يمكن أن يتحقّق إلاّ في مستوى نظرية في الربط théorie de jonction ، ولكن ما دامت هذه المسألة أي نظرية الحرف تطرح عدّة صعوبات فإن قيوم ليس جريئا على تحديد ملامحها التي إن وجدت تكمّل نظريتي الكلمة والجملة باعتبار أن الحرف هو آخر مكون يقع في مستوى الزمن الإجرائي بحكم انتمائه إلى القسم الثاني من هذا النظام الموقعي الحاكم للنفسية النظامية حيث يكون نظام المناسبة التتعلّقية  منعدماsuspendu أو غير فعال.
[41]  - « l’incidence est une propriété qui n’appartient pas à toutes les parties du discours mais seulement à celles dont le contenu sémantique peut être rapporté à un support. La préposition n’en fait pas partie ».

[42]  - « La préposition apparaît ainsi un mot ayant son incidence a un intervalle entre deux mots porteur d’une suspension du mécanisme d’incidence ».

[43]  - On peut (…) définir la préposition comme étant le mot de la langue destiné à intervenir en discours entre deux mots que sépare un intervalle non couvert par un mécanisme d’incidence en fonctionnement ».
[44]  - « toute préposition est porteuse d’une semantèse propre, parfois très abstraite et quasi indéfinissable, mais jamais nulle ».
[45]  - « Toute préposition, en tant que signe possède un signifié, une semantèse, qui peut être très abstraite, mais qu’on ne s’aurait pour autant négliger(…) ».

وقد ذهبت vassant في تصنيفها لأقسام الكلام إلى وحدات معجمية وأخرى نحوية إلى أنّ "للوحدات المعجمية والنحوية على السواء قيم معجمية وقيم نحوية تطغى إحداها على الأخرى" vassant (1993)، ص144).
[46]  - « La préposition joue un rôle en tant qu’apport de semantèse (…) le support de cet apport est double : de l’idée que la préposition est « mot de relation », donc « regarde de deux cotés, vers son avant et vers son après » (…) l’auteur passe à la désignation de cet avant et de cet après comme supports de l’apport contenu dans la préposition ».
[47]  - « la préposition (…) n’est pas incidente a un mot de discours mais incidente à l’intervalle psychique inscrit entre deux mot de discours ».
[48]  - « Les mots en phrase sont immédiatement incidents les uns aux autres (…) ».
[49]  - فهذا التفسير المأخوذ في جوهره عن النظرية النحوية العربية عامة وعن عاشور خاصة يجعلنا نتفادى الانزلاق في غيابة الفكر القيومي إذ أنه لا يمكن للأقسام الإسنادية أن تقوم على نظام المناسبة التعلّقية  من جهة وأن لا تقوم عليه من جهة أخرى، مما يستدعي دخول الحرف الذي جعله قيوم "يتناسب تعلقيا مع وسط بين كلمتين يقع بينهما تعليق لنظام المناسبة التعلّقية" (د.ل2 1971 (48-49)، ص154)، لأن الحرف كما سنرى يطلبه الفعل القاصر أو يتوسل به المتكلم "العامل الحقيقي" لتبليغ مقاصده إذا ما كانت "الآلة" قاصرة عن تواصل "عملية التركيب" وبالتالي انتفاء نظام المناسبة التعليقية.

   نشير إلى أنّنا لا نخلط بين "مبدأ الإعراب" أي "التوضيح والبيان ورفع الالتباس والاحتمال عن الكلم (...) لاختلاف المعاني التي يحتاج إليها المتكلّم" (عاشور2004أ، ص254) ومبدأ المناسبة التعلّقية القائم على حدّين اثنين بهاما يتحقّق، رغم تقاربهما باعتبار ارتباطهما بعملية الانتظام.

[50]  - « la préposition (…) explicite un élément impliqué dans la sémentèse verbale (…) ».


[51] - « La préposition résout les  problèmes posés par l’intransitivité. », « La préposition résout le problème de la transitivité. »


[52]  - « (…) cette notion est celle d’incidence. Elle à trait au mouvement (…) selon lequel (…) il y a apport de signification et référence de l’apport à un support ».
[53]  - « l’incidence est un mécanisme qui régit la relation entre apport de signification et support de signification. Elle est la faculté qu’ont les mots de se référer à un support ».
[54] - يثير مفهوم الإحالة عدة إشكاليات منها ما يتعلق بالتسمية، ومنها ما يتعلق بالتوجهات اللسانية. فأمّا ما يتعلق بالتسمية فقد ردّه الشاوش إلى جمع المفهوم بين "الدلالة على الظاهرة العامة" أي عملية الإحالة (الشاوش2001، ص ص963-964) باعتبارها "الحقيقة التي تمكّن العلامة اللغوية من الإحالة على العالم غير اللغوي سواء أ كان حقيقيا أم متخيّلا" (Dubois 1994، ص404) والدلالة على "الظاهرة الخاصة" أي المرجع (الشاوش2001، ص ص963-964) باعتباره "الكائن الذي تحيل عليه العلامة اللغوية" (Dubois1994، ص405). وأما ما يتعلق بالتوجهات اللسانية فكثير نأخذ توجّه kripke مثالا عليه.

   لقد اهتم kripke بالاسم العلم وبما أسماه بالضرورة nécessité في كتابه "منطق أسماء الأعلام 1982 "(Mouchler 1994، ص167) إذ سعى فيه إلى التمييز بين المعنى والإحالة جريا على منوال John Stuwart Mill الذي اعتبر أنّ للاسم العلم "دلالة إلزامية connotation دون أن يكون له معنى في نفسه (دلالة تعيينية)dénotation ( Ducrot1995، ص367) خلافا لـ Frege الذي يعتبر أنّه "لا يمكن أن يوجد المرجع دون إحالة" (ن. م، ن. ص) و (قينيني 2000 ص39).

   ولتفادي عدم التواصل باعتبار أنّ الاسم لا يحمل معنى، جاء kripe بفرضية "السلسلة السببية la chaîne causale القائمة على مفهوم التسمية bapteme: وهو "إسناد اسم علم إلى شيء ما" (Mouchler 9419، ص160) سواء أ كان اسما ظاهرا أم اسما بالإشارة. واشترط أنه لكي تكون القضية المتضمنة لاسم العلم صادقة في كل العوالم الممكنة les mondes possibles يجب على الاسم العلم الوارد فيها أن يعيّن نفس الفرد في كلّ العوالم الممكنة" (ن. م، ص170) ولذلك جاء بمفهومي "المعيّن المتحجّر désignateur rigide" و"المعيّن العرضيdésignateur accidentel" معتبرا أنّ اسم العلم ينتمي إلى المعيّنات الصارمة دون أن ينفي التقارب بينه وبين الاسم ... (ن. م.، ص 171). وفي هذا المجال ذكر Mouchler مثال : الماء = H2O واعتبره قضية صادقة بمعاييرkripke غاضا الطرف عن أنّ الاسم العلم قد لا يحيل على نفس الأفراد في كل العوالم الممكنة باعتبار أن الماء يعين ما صدقين اثنين – يحتملان الزيادة – إذ هو H2O في عالم الحياة وهو D2O في العالم النووي وهو ما يسمّى "بالماء الثقيل". ولذلك لا يحدّد الماء معيّنا صارما وإنّما معيّنا عرضيّا باعتبار تعدّد الأفراد التي يحيل عليها.

[55]  - إن توجّه Mouchler في الإحالة بصفتها مرتبطة بعملية الاستعمال يمثّل الشطر الثاني من التفكير القيومي بما أن نظام المناسبة التلعقيّة القائم على ثنائية حمل دلالي/عماد دلالي يتموضع على خط الزمن العامل الحامل للانتقال لسان خطاب. إذ أنه في اللسان يجعل من الاسم القسم الوحيد الذي تتحدّد قيمته المرجعية باعتبار أنّ "مناسبته التتعلّقية  كامنة في حقله الدلالي" (د.ل 8219 (56 – 57)، ص129). وهذا ما أطلق عليه قيوم اسم المناسبة التتعلّقية  الداخلية. وهي خاصية اسمية هامة "تكسب الاسم خارج التركيب معنى وسم عند قيوم "بالمدلول بالقوة". ويقوم على الإحالة بين حدّي المناسبة التتعلّقية. وقد لا يختلف كثيرا عن مفهوم المعنى الإفرادي "أي صورة الشيء المرتسمة في ذهن الإنسان" (مصطفى جمال الدّين1980، ص204) خلافا للمعنى التركيبي وهو صورة الشيء المرتسمة في ذهن الإنسان عند سماع اللفظ في حالة التركيب (ن. م، ن. ص) أي المدلول بالفعل.

   فما يحدث في قسم اللسان قد أقصاه Mouschler من نظرية الإحالة أي إحالة الكلمة أثناء الإفراد رغم أنّه هو أساس النظرية القيومية التي اهتمت بالكلمة باعتبارها حامله لسماتها التركيبية التي تجعلها متحكمة في الجملة بعديا. وهذا الذي أقصاه Mouschler  ظهر عند المناطقة.


[56]  - "يتضمن نظام المناسبة التتعلّقية  العلاقة حمل دلالي/عماد دلالي" (د. ل2 1971 (48– 49)، ص137).

« la relation apport/support est couverte par le mécanisme d’incidence ». (N. D. E. S. L. 1995, p360)

                                                                                                                                             

[57]   - « Pour  Saussure le signe unit non une chose et un nom ,mais un concept et une image acoustique » (Ducrot 1995, P360)
[58]  - « le mot « homme » n’existe pas : il aurait seulement le caractère homme (…) ».
[59]     -«  La fonction référentielle est la fonction cognitive ou dénotative par la quelle le référent du message est considéré comme l'élément le plus important ». (Dubois 1994, P405)
[60] - « la référence ce n’est pas faite à un objet réel, mais à un objet de pensée ».
[61]  - مفهوم العماد الدلالي ومفهوم الشخص عبارتان "دالّتان على حقيقة واحدة بالنسبة إلى قيوم (Boone و Joly1996، ص57).
[62]  -  Le but de la théorie des espaces mentaux, c’est d’étudier le ou les mondes de constructions des espaces et des  relations entre espaces. A la différence de ce qui se passe pour la théorie des mondes possibles (…) il n’est pas question, dans la théorie des espaces mentaux, de la relation entre les mots et le monde, mais tout au plus de la relation entre les mots et les constructions mentales que bâtissent le locuteur et l’interlocuteur ».
[63]  - ربط Tesnière ما أسماه بالتعلّق أو متعلّقات الفعل "بعدد الأقواس" أو "المتعلّقات التي يطلبها الفعل.

« (…) le nombre de crochets que présente un verbe et par conséquent le nombre d’actants qu’il est susceptible de régir, constitue ce que nous appellerons la valence du verbe » (Tesnière 1965, p238).

[64]  - "نحدّد مجموعة مّا بالماصدقية عندما نكون قادرين على إحصاء العناصر المتعلّقة بها والمتعلّقة بها فقط بوضوح " (Dubois 1994، ص193).وقد ذهب بعض الدارسين إلى أنّ لمفهوم الماصدق معنيان مختلفان أحدهما عامّ مرتبط بالحركة العامّة المكوّنة للّغة،والأخر خاصّ يتعلّق في بعض الأحيان بالأتّساع الشكلي  extension formelle أو بالأتساع المادّي extension matérielle  أحيانا أخرى(Boone و Joly 1996، ص176)
[65]  - الإدراك أو القصد هو مجموعة السمات الدلالية المكوّنة لمدلول الكلمة في اللسان لا سيما مدلول الاسم (Boone و Joly1996، ص ص105 – 106).

« La compréhension ou intension, est l’ensemble des traits sémantiques qu’en langue, forment le signifié d’un mot notamment d’un nom substantif ».

[66] -  « L’univers – idée qu’est dans l’homme pensant la langue est (…) un univers regardant, fait de notions issues chacune d’une pondération d’intention (…) particularisante et d’extension généralisante ».
[67] - « Une unité de puissance quelconque est un équilibre stable, invariant, du mouvement d’intension allant à l’étroit et du mouvement d’extension allant au large. »
[68] - هو العبارة المعيّنة لمجموع الكائنات أو الأشياء التي تقع عليها الكلمة في اللسان
(D.T.S.L 1996، ص106)« (…) l’extension matérielle, terme qui désigne l’ensemble des êtres ou des objets auxquels le mot de la langue est applicable ».

 *- إنّ حديثنا عن مفهوم الماصدق أعلاه ناتج عن مفهوم الاتساع الذي ظهر عند قيوم في الأربعينيات من القرن الماضي كما أشرنا، ولذلك فالإتساع والماصدق وجهان لعملة واحدة على الأقل في تاريخية الفكر القيومي، تحكمهما ثنائية لسان/خطاب التي فرضت على قيوم التمييز بين ما أسماه بالماصدق المادّي والماصدق الشكلي الذي أطلق عليه فيما بعد لفظة الاتساع.   

[69] -  " الاتساع هو مدى الحقل الإجرائي لمفهوم الاسم في الخطاب" (D.T.S.L 1996، ص174)

 [70]  « (…) car il ne suffit pas que se soit l’apport « homme » annonce une incidence à un support qui sera de la nature de l’apport, il faut encore que ce support ait reçu dans l’esprit l’extension en convenance avec la visée momentanée de discours ».

[71]  - « Il y a lieu toutefois de considérer que si d’une manière générale la langue fait état pour les mots d’une incidence qui se présente soit externe, soit interne, une certaine latitude de variation, un substantif acquiert la qualité d’adjectif, ou bien un adjectif celle de substantif ».




المصادر والمراجع 


Boone A. et Joly A. 1996, (D.T.S.L) Dictionnaire terminologique de la  systématique du langage, L’ Harmattan, Paris, Montréal.
Cervoni J. 1991, La préposition:Etude sémantique et pragmatique, éd Duculot, paris.
Guillaume G. 1971, (LL2), leçons de linguistique (1948-1949B), psycho- systématique du langage: principes, méthodes, et applications I, presses de l'université Laval,  Québec.
           1971, (LL1) leçons de linguistique (1948-1949) Structure sémiologique et structure psychique de la langue Française, Les  presses de l’Université Laval, Quebec, Librairie C.Klinck sieck, Paris.    
           1973, (P.L.T) principes de linguistique théorique de Gustave Guillaume, presses de l’université Laval, Québec, Klinck sieck, paris.
           1982 (LL3) Leçons de Linguistique (1948-1949c) Grammaire particulière du français et Grammaire générale-presses de l’Université Laval, Quebec. 
           1982 (LL5) Leçons de linguistique (1956-1957 ), Systèmes linguistiques et successivité historique des systèmes II. Sous la direction de Roch Valin, Presses de l’université de lavard presses universitaires de Lille.
           1992 (LL11) Leçon de linguistique (1944-1945AB) Esquisse d’une grammaire descriptif de la langue francaise, sémantèmes, Morphèmes et systèmes, presse de l’université laval, quebec, Presses universitaires de Lille, Lille.
Moignet C. 1981, Systématique de la langue française, Ed., Kilinck sieck,  Paris.
Vassant A. 1993, Fonctions syntaxiques et théorie de l’incidence de G. Guillaume, in le français moderne, tome LXI, NO2, (PP140–156), Délégation générale à la langue française, Paris.
           1997, incidence et Décadence Dans l’analyse du présent français, in langage et psychomécanique du langage (PP284–307), Presses universitaires




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


الحقوق محفوظة لمدونة الحروف ©2013-2014 | اتصل بنا | الخصوصية