مقتطف من كلمة رئيس تحرير رأي اليوم الإعلامي القدير عبد الباري عطوان حول زيارة وزير الخارجية الأردني إلى إيران ودعوته للحوار العربي الإيراني من هناك
امريكا ادركت ان ايران المحاصرة استطاعت ان تهيمن على نصف الدول العربية تقريبا، سيطرت على العراق واليمن ولبنان وسورية، ومدت نفوذها الى فلسطين عبر فصائل المقاومة وحركاتها، واحتضنت المقاومة، وتحالفت مع روسيا والصين، كل هذا وهي تحت الحصارين الاقتصادي والسياسي، فكيف سيكون الحال الآن وبعد رفع هذا الحصار في غضون اسبوعين، اي ان التوقيع على اتفاق الاطار الذي سيؤدي الى ذلك؟
ايران تقاتل الآن في العراق ضد “الدولة الاسلامية”، وفي سورية لمنع سقوط حليفها بشار الاسد، وتقترب قواتها من السيطرة على الجولان السوري المحرر في درعا والقنيطرة، وباتت تملك ترسانة عسكرية قوية، وطائرات بطيار وبدونه، كلها من انتاج مصانعها الحربية، فماذا يصنع العرب؟
وربما يجادل بعض الذين يقاومون تجرع كأس الهزيمة المر مرارة العلقم، بأن الاتفاق النووي سيؤدي الى تجميد عمليات التخصيب لعشر سنوات، وستكون المنشآت النووية تحت مراقبة لصيقة عبر كاميرات وكالة الطاقة النووية في فيينا، وهذا صحيح، ولكن مخزون ايران من اليورانيوم المخصب سيظل موجودا، وكذلك عشرون الف وحدة طرد مركزي، والاهم من كل هذا وذاك، الخبرة العالية والعقول الجبارة التي كانت وستظل تدير هذه البرامج ويمكن توظيفها في اي لحظة لصنع الاسلحة النووية، هذا اذا لم يكونوا نجحوا في تصنيعها في السر.
الوزير الاردني جودة يتحدث عن حوار تقوم به الجامعة العربية مع ايران، ولا نعرف ما اذا كان قام بهذه المبادرة من بنات افكاره وحكومته، ام انه مكلف بها من قبل حلفاء بلاده الخليجيين الذين يهيمنون على هذه الجامعة منذ انسحاب مصر من الساحة، وتدمير العراق، واغراق سورية في الحرب الاهلية، وتحويل ليبيا الى دولة فاشلة، وتفجير الحرب المذهبية في اليمن، فالاردن لا يمكن ان يقوم بمثل هذه المبادرة دون ان يوصى بها من هنا او هناك.
دعوة الوزير الاردني الى الحوار تظل غامضة، ودعونا نعوم بفلك غموضها ونقول ان الحوار مع طهران يعني الحوار مع الرئيس بشار الاسد في سورية، واقامة جسور الود مع السيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق، ووقف مهاجمة “حزب الله”، والاعتراف بحركة “انصار الله” الحوثية كحركة يمنية اصلاحية اصيلة، والاستماع الى مطالب المعارضة الشيعية في البحرين التي تقدمت بها الى الاسرة الحاكمة اثناء الحوار الذي رعاه ولي عهد البلاد، والافراج عن الشيخ علي سلمان رئيس حركة الوفاق.
فاذا كان الحوار المقبل مع ايران لا يشمل هذه القضايا والمطالب، فعلى ماذا سيتحاور العرب وجامعتهم مع ايران؟ حول اسعار الفستق الحلبي، ام تصدير سمك الزبيدي، ام قضايا التلوث البيئي في منطقة الخليج؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق