السبت، 16 يوليو 2011

نجاة طفل من أظافر المنية


الضحية بعد شبه العملية التي أجراها في نواكشوط

الضحية بعد العملية الناجحة الّتي أُجريت له في تونس


الضحية بعد أن بدأ يتحسّن

أخت الضحية بعد نجاح العملية في تونس بعد كفاح مرير

البروفسور التونسي دقفوس الّذي أجرى العملية الناجحة

الحمد لله على السلامة



في يوم 29 من ابريل 2011 فاز المسمّى المصطفى ولد الشيخ ابن 18 ربيعا في مسابقة رياضية، بلقب أحسن مهاجم في الأشبال. وبعد تسلّمه الجائزة من شنقيتيل، غادر إلى منزله في منتصف الليل بعد أن تمّت متابعته ومراقبته بعناية من طرف أحد الحاضرين في حفل تسليم الجوائز دون أن يعلم المعني بالأمر بذلك. وأثناء المغادرة تقفّى أثره 9 أفراد من مجموعة يبدو أنّها شائعة في لكصر يطلق عليها اسم "عصابة الدجالة المتألّفة من الأشخاص التالية أسماؤهم أحمد ولد عبد الله الملقّب الداه (الجاني رقم 1) عبد الله ولد الحاج، عبد الله ولد أعمر ولد أمبارك، وسيسه ولد أمبارك شقيقه ورشيد وعبدات وأولاد تراولى، ومعاق أعرج يتوكّأ على عصى". نادى أحد أفراد العصابة: يا فلان، انتظر المجني عليه، فلطمه أحدهم يدعا رشيد حتى أغمي عليه، وأوسعوه ضربا دون أن يعلم السبب، وذبحوه من جانبه الأيسر بعد أن ألقوه أرضا.

 وبعد أن أكملت الشلة جريمتها، تلك الشلّة الّتي ادّعت أنّ مراد علم دار أرسلها لاقتراف الجريمة الّتي يقلّ شهودها، بقي الضحية يترنّح في دمائه إلى أن أتى أخاه صدفة بعد أن رأى تلك الجثة الهامدة. صاح الأخ بعد أن تعرّف على أخيه واجتمع أهل الحيّ ونقلوه إلى المستشفي. وتلك الليلة ثمّة إضراب عام قام به عمال الصحة، إذ لا يوجد طبيب. تبرّع الأصدقاء بالدم وبقيت الأسرة حائرة إلى حدود الخامسة والنزيف مستمرّ. جاء الدكاترة محمد ولد عليّ وشيّاخ ومحمد ولد كّاه، وقاموا بعملية جراحية ويبدو أنّ ولد علي قام بعمله وشياخ نسي أو تناسى أن يقوم بالدور العصبي. بعد هذه العملية غير المكتملة شلّ الجانب الأيسر للضحية وسقط في غيبوبة. بعد 6 أيام أي يوم 5 مايو أخرج المستشفى الضحية وهو في حالة يرثى لها بأمر من البواب الّذي جاء إلى أسرة المجني عليه وقال لهم أنّه نائم. ذهبت الأسرة بابنها ظنّا منها أنّه امتثل للشفاء. وبعد أن وصلوا بابنهم في حدود 2س:30 د إلى منزلهم لاحظوا بعد 3 ساعات ونيّف أنه يتقيّأ دما وأنّ الجرح ينزف ماءً.




ذهبت الأسرة بابنها إلى الحالات المستعجلة، سألهم الأطباء عن سبب خروجه من المستشفى ولماذا؟ ومن قام بتلك الإجراءات ومن أمر بها باعتبار أنّهم على علم بملفّه الغامض، وسألهم أحد الأطباء عن ورقة الخروج من المستشفى، فأجابت أخت المصاب بما قال لها البواب أنّ ورقة الخروج يتسلّمونها في بضعة أيام من الخروج (لوووول). المهمّ أن الضحية أرجع للإنعاش. وبعد 20 يوما أي يوم 25 مايو من العناية المركّزة بدأت الحياة تدبّ في جسمه الهامد ولكنّه لا يمكن أن يتناول الطعام من فيه. فذهبوه به في اليوم الموالي إلى قسم الحنجرة ... بدأت القضية تتعقّد، وبدأت العائلة تتعرّض للمضايقة من طرف الشرطيين المحقّقين (الخليفة، وانشا الله وحتى من موفض القصّر، عيشة) سواء أكان ذلك عن طريق المواعيد غير المنطقية أم عن الطريق السباب والألفاظ النابية.


تمّ القبض على بعض أطراف الجريمة عن طريق شهادة بعض الأفراد الّذين شاهدوا ما جرى. وقعت ملابسات في القضية باعتبار أنّها يخيّم عليها الكتمان، إذ لم يطلع عليها لا الحاكم ولا الوالي ولا النيابة ولا الوزير على الرغم من أنّ الملف في يد الشرطة. في اليوم الّذي أجريت للمجني عليه العملية الجراحية، رنّ هاتف اخته فقال لها مفوّض الشرطة أنّ الجناة قُبض على بعضهم، فذهبت الأسرة إلى مركز الشرطة المعنية فإذا بالجناة قد أطلق سراحهم؛ استفسرت الأسرة عن سبب إطلاق صراح الجناة فقوبلت بالسباب والكلمات النابية من المحقّقين السابقي الذكر. ذهبت الأسرة إلى الشرطة المركزية  من أجل تقديم شكاية فقوبلوا بالرفض وأنّ القضية لا تعنيهم. نسيت أن أذكر لكم أنّ ليلة وقوع الجريمة عندما قدم المجني عليه إلى المستشفى رفض الأطباء لمسه قبل قدوم وكيل الجمهورية ومفوّض الشرطة. جاء المفوّض (انقوده) بعد أن ذهبت العائلة في طلبه، وهو شاهد على أنّ المجني عليه لم يتلقى العلاج تلك الليلة إلاّ مؤخّرا، ولكنه لم يذكر أيّ شيء في الموضوع. بعد اتصالات كثيفة في اليوم التالي حالف الحظ الأسرة في أن ندخل على وكيل الجمهورية. اعترف هذا الأخير بأنّه ليس على علم بالقضية والنيابة كذلك، ونفى أن يكون الأمر بالطريقة الّتي سردها آل الضحية، واتصل بالمستشفى يريد تقريرا حول القضية. علم الوكيل أنّ حالة المجني عليه خطيرة. وقال الطبيب صاحب التقرير بعد أن وجد الضحية قد شُلّ أنّه لا يمكن أن يقدّم تقريرا إلاّ بعد أن يخضع لتحاليل منها scanner وIRM وقال إنّ تكاليف الفحص تبلغ 310000 أوقية. عادت الأسرة إلى نائب وكيل الجمهورية باعتبار أنّها لا تملك تكاليف الفحوص الطبية، فوضعها على خزينة الدولة. وبعد أن خرجت نتيجة الفحص جاء الطبيب ولد علي ونزع البرفزيون وترك الضحية في ألم شديد دون أن ينبس ببنت شفة.




انتظرت العائلة طويلا كي تعرف خفايا القضية. رجع الطبيب وأخذ يعزيهم ويهيئهم نفسيا لمصير الابن الّذي يتعرّض لآلام شديدة في عنقه بسبب عدم نجاح شبه العملية السابقة الذكر. وقال ولد علي للعائلة أن القضية الآن تتعلّق بشياخ باعتباره طبيب الأعصاب وباعتبار أنّ الضحية يعاني من ألم سببه عصبي خالص. ذهبت العائلة بضحيتها إلى شياخ فاعتذر هذا الأخير وأخبرها أن ليست له علاقة بالموضوع وإنّما الأمر يخصّ ولد كّاه طبيب جراحة العظام. ذهبت العائلة الجريحة إلى هذا الأخير، فاعتذر وأرجعها إلى شياخ. وقال هذا الأخير أنّ الأمر لا يعنيه وأرجعها إلى ولد علي. فتبرّأ ولد عليّ من العائلة وأرجعها إلى شياخ، وهذا الأخير كعادته نكر أن يكون الأمر يعنيه.


ذهبت العائلة إلى مدير "المستشفى الوطني" وقصّت قصّتها عليه فسعى في جمع الأطباء الثلاثة، وطلب من العائلة أن تذهب بابنها إلى المنزل بما أنّ الجميع رفضه وهو في تلك الحالة المؤلمة. ودارت الدائرة على العائلة فأصبحت تقضّي يومها بين المدراء والأطبّاء وليلها ساهرة مع ابنها في آلام وهموم يتفطّر القلب لها وتُنكئ جروحا أليمة يعاني منها المجتمع الموريتاني عامة باعتبار أنّ القائمين عليه لا يحسنون من الأعمال إلاّ نهب الاموال العامة وتولية الأولاد والأقارب أمّا شئون الفقير فيتركونها "للقدر يقدّرها وليد الله بعد ذلك تدبّرها" بل يتعاملون معه بطريقة غير بشرية.... المهمّ أنّ الأسرة عادت إلى شيّاخ فأرسلهما إلى قسم العلاج الطبيعي أو تأهيل الأعضاء، فذهبت العائلة إلى القسم وكان تكاليف ذلك 27300 أوقية وقدّموا له جدول علاج مدّة 3 أشهر. وعندما بدأ الممرّض بالتدليك. وحين ذلك تأكّد له أنّ الأمر لا يعنيهم وأنّ من أرسل  تلك العائلة إلى هذا القسم له غاية ما ... وأخبر العائلة بذلك. طلبت منه الأم أن يكتب لها ما قال فاعتذر وأشار إلى أنّ ذلك يتعلّق بالمدير وأنّ حتّى هذا الأخير قد لا يتجرّأ على فعل ذلك. ونصح الأسرة أن تذهب بابنها إلى مكان آخر خارج موريتانيا. رجعت الأخت إلى شياخ وأعلمته بما قال الممرّض فغضب وقال لها أنّه أرسلها إلى قسم العلاج الطبيعي يريده  أن يخضع للعلاج لا أن يكون أفراد القسم مستشارين أو محللين للقضية، وكان ذلك يوم 26 مايو، مع العلم أنّ المجني عليه خرج من العناية المركّزة يوم 11 مايو.


ذهبت العائلة إلى دكار بعد أن باعت الأخت منزلها. وبعد 10 أيام من التحاليل والعلاج، أثبت 13 طبيبا أنّ هذا المريض لا يمكن أن يتمّ علاجه في إفريقيا باعتبار أنّ ثمّة عصب في مكان معقّد من العنق قد تأثّر كثيرا. ذهبت العائلة إلى السفارة الموريتانية في دكار، وكعادتها لم تسعفهم بحلّ مدّعية أنّها لا يمكن أن تتعامل إداريا مع الأطباء السنغاليين. عادت العائلة إلى نواكشوط، وذهبت إلى المدير بملف الرفع الّذي جاءت به من السنغال؛ فوجههم إلى الشيخ ولد النّ ليقوم بإجراءات الرفع، ولكنه اعتذر مدّعيا أنّ الوقت لا يسعفه وأعطاهم موعدا لمدّة أسبوع وكأنّ حالة المصاب الخطرة تسمح بذلك، لا نعرف إن كانت الإدارة في خدمة المواطن أم في خدمة بعض المواطنيين، نترك التعليق لكم.... ذهبت العائلة إلى المنزل، وذهبت الأخت تبحث عن حلّ، فدفعت بها الأقدار إلى وزارة الاقتصاد، ولجأت بالتحديد إلى رجل يدعى يحي ولد عبد الدايم، قام باتصالات مكثفة وبعثها إلى وزارة الشئون الاجتماعية. اعتذر مدير الشئون الاجتماعية بأنّه لا يمكن أن يقدّم أية خدمة إلاّ بعد أن تأتي الأسرة بملف الرأي الطبّي باعتبار أنّ الملف القادم من دكار لا يمكن أن يعتمد. والمشكل الكبير في القضية أنّ الأطباء الموريتانيين لا يريدون أن يقدّموا أي رأي ربّما لتعطيل القضية أو للقضاء على الضحية بما أنّ الجناة أبناء جماعة نافذة في الحكم الموريتاني.


ذهبت الأخت إلى المدّعي العام بعد أن بدأت تفهم أنّ القضية أخذت منعرجات غير واضحة. قال هذا الأخير أنّه ليس لديه أدنى علم بالقضية (لووول) واستدعى وكيل الجمهورية و المدّعي العام للاستئناف الّذي لم يكن على علم هو الآخر، بحضور أخت الضحية. المهمّ أن الشرطة عطّلت الملف ونزعت بعض الصوّر الّتي تثبت الجريمة قبل أن يدخل على وكيل الجمهورية. فطنت الأخت أنّ الملف ناقصا. وبعد أن تنقّل ذلك الملفّ الناقص في غيابة الإدارة من يد إلى أخرى إلى أن وصل إلى القاضي، دخلت الأخت على القاضي وقالت له أنّ الملف ناقصا باعتبار أنّ محقّق الشرطة نزع الصوّر لغاية في نفس يعقوب. ظهر بعض الاغتراب على القاضي وسألها إن كانت على يقين من ادّعائها فأكدت ذلك له. استدعى القاضي الشرطي فقال له أين الصوّر؟ أجابه أنّ وكيل الجمهورية انتزعها من الملف. اتصل القاضي على وكيل الجمهورية ليتأكّد من الخبر نفى الوكيل مؤكّدا أنّ الملف لم يكن مشفوعا بصوّر. التفت القاضي على الشرطي وسأله: أين الصوّر؟"، تذكّر الشرطي أن يفتّش جيوبه، وقال ببراءة مشبوهة، هاهي في جيبي؛ نسيتها.

المهم أنّ القضية تعطّلت 20 يوما قبل أن تصل إلى العدالة. أخذ القاضي الصور، وراجع الملف حتّى تأكّد من خطورة الموقف والأدلّة الدامغة الّتي تشفع للأسرة المجني عليها وأنّها وقعت ضحية بعض الخبثاء النافذين في السلطة الموريتانية. أصدر القاضي أمرا بحبس الجناة وذهبت الأسرة في قضية العلاج الّتي ليست أقلّ غرابة من القضية الأمنية. يبدو أنّ العائلة المحتاجة تكافح على جبهتين جبهة انقاذ الابن، وجبهة الأيادي الخفية في الإدارتين الأمنية والصحية، أولئك الّذين يريدون شلّ القضية سواء أكان ذلك بتعطيل الملف أم بقتل الضحية. بعد كلّ هذه الأمور لم تستطع العائلة أن تجد بطاقة رفع لكي تجد كفالة تساعدها في معالجة ابنها.

ذهبت الأخت إلى الوزير الأوّل يوم 3 يونيو ..... وقدّمت له الملفّ كاملا وأمرها جزاه الله خيرا أن تذهب إلى إدارة المستشفى، وإذا لم يقدّموا لها بطاقة الرفع تتصل به. ذهبت الأخت إلى المستشفى وقامت السكرتيرة بطباعة الورقة ووسمتها بأنّها حالة مستعجلة ولكن الطبيب الشيخ ولد النّ لم يوقعها ذلك اليوم أي يوم الخميس 4 يونيو من أجل أن يعطّلها يومين كاملين، حتّى بعد صدور الأمر من الوزارة الأولى. رجعت العائلة يوم الأحد ووجدت أن الورقة لم يتمّ توقيعها. ارتأت السكرتيرة على العائلة أن تذهب إليه في منزله الموجود في المستشفى ولكن هذا الأخير طرد الجماعة بطريقة قاسية وبذيئة. وذلك اليوم لم يأت إلى المستشفى. وفي اليوم الموالي جاء ومزّق الورقة وأعاد كتابتها بعد أن حذف كلمة "حالة مستعجلة". أخذت الأسرة الورقة وذهبت بها إلى الشئون الاجتماعية، وقال المسئول إنّ وزارته لا تتعامل مع أوروبا وإنّما مع المغرب فقط؛ ولكن الأطباء في المغرب بعد أن درسوا الملف ثبت لديهم أنّ علاج الضحية ليس متوفّرا باعتبار أنّ عمليته الجراحية معقّدة. ولا نعرف إن كان ذلك (أي اعتذار الأطباء المغربة) من باب نفوذ ذوي الجناة أم لا.

تعطّل الملف مرّة أخرى وقال مسئول الشئون الاجتماعية: لم يبق أمامنا إلى العلاج في موريتانيا أم في المغرب (لووول). فامتنعت الأسرة. رجعت العائلة إلى المستشفى فسخرت سكرتيرة المدير منها قائلة أنتم فقراء لا تملكون شيئا، ولا تتمتّعون بالتأمين الصحّي وليس أمامكم إلاّ المغرب أم.... !!! متجاهلة أنّ الأطباء في المغرب أقرّوا أنّهم لا يستطيعون شيئا أمام هذه الحالة. تعطل الملف وتأزّم باعتبار أنّ الوزير الأوّل تعرّض إلى وعكة صحية أو تسمّم. ربّما يكون أمره له علاقة بالموضوع. ولم يبق أمام العائلة أيّ مخرج. ذهبت الأخت إلى وزير العدل يوم الأحد 7 يونيو وهو اليوم الّذي كانت فيه على موعد مع الوزير الأوّل المسمّم. تأسّف واقترح عليها أن تأتيه بعد أسبوع. في اليوم الموالي ذهبت إلى وزارة الشئون الاجتماعية ولكنّ كلّ مساعيها باءت بالفشل ذلك اليوم. وفي اليوم التالي أي الثلاثاء 9 يونيو ذهبت الأخت إلى وزارة الداخلية وقامت ببلبة حتى علم الوزير بالقضية وسمح بدخولها عليه، تأسّف بعد سماعه القضية وأعطى أوامره بفتح تحقيق. وقال لها أنّ القضية ستصل إلى رئيس الجمهورية ذلك اليوم، وأنّه سيتصل بها في اليوم الموالي أي يوم الأربعاء 10 مايو، ولكن ذلك لم يتمّ. وفي فجر يوم الخميس ذهبت الأخت إلى وزارة الداخلية وجلست عند الباب، ولكن الوزير دخل من باب آخر. علمت الأخت بأنّ الوزير موجود ولكنّ البواب عطّلها. انتظرت حتّى الزوال فارتأت أن تذهب إلى الرئيس.


اقتحمت الأخت قصر الرئاسة معرّضة حياتها للخطر تحت أفواه بنادق الحرس الرئاسي. أمروها أن تتوقّف بعد أن وجهوا البنادق صوبها. فردّت عليهم أن يطلقوا النار إن أرادوا وأنّها لن يوقفها شيء عن مقابلة الرئيس. فسألوها عما تريد، فأجابتهم أنّها لن تتفوه ببنت شفة إلاّ في حضرة الرئيس، وواصلت سيرها. جاء أحد الجنود بسرعة وأمر رفاقه أن يقلعوا عن تصويب البنادق صوب الأخت. وسألها عن حاجتها فأجابت كعادتها بالامتناع، أشارت إليه أنّ الجناة أبناء ضباط نافذين. بعد تلك البلبلة وصياح الأخت؛ أخذ أحد الضباط الملف وأدخله على أحد المستشارين يسمّى ولد أحمد دامه. أدخلها على المستشار وقصّت عليه القصّة بعد أن اشترطت عليه الإصغاء. هاتف المستشار وزيرة الشئون الاجتماعية وأخذ لها موعدا ذلك اليوم للدخول عليها. أصغت الوزيرة حتّى اكتملت القصّة وأثّرت فيها تمام التأثير لدرجن انهمار الدموع. وقالت إنّ الجانب الخاص بها ستقوم به وأنّ الوزارة ليس لديها تعامل مع المستشفيات الأوروبية كما أشار المسئول الاجتماعي، وأنّهم سيحاولون مع تونس وبعد ذلك يبحثوا عن مخرج إن لم يكن في تونس طبيب يستطيع إجراء العملية. قامت الوزيرة بالإجراءات ووصلت رسالتها إلى وزارة الصحة ... المهم أنّ الملف وصل إلى إدارة التأمين الصحي.

وشت إدارة التأمين الصحي بوزارة الشئون الاجتماعية لأسرة الضحية بأنّ الوزارة نتيجة لعدم تسديدها للديون لا يمكن لأية دولة التعامل معها، ولذلك على الأسرة أن تصبر 15 يوما أو 20 حتى يمكن لإدارة التأمين الصحي أن تستكمل الإجراءات وتدرسها مع وزارة الصحة. عادت الأخت إلى الرئاسة مرّة أخرى، وقام المستشار بالواجب معها وأمر وزارة الصحة أن تستكمل الملف. وذهبت الأخت إلى وزارة الصحة واستلمت الورقة. وذهبت ذلك اليوم إلى تونس بعد أن وجد طبيب بمصحة المنار بإمكانه القيام بالعملية رغم اعتذار 15 مصحة أو مستشفى. وصنّف الطبيب حالته بأنّها مستعجلة بل إن كان من الممكن جلبه بطائرة خاصّة يكون ذلك أحسن باعتبار أنّ حركة الطائرة قد تؤثّر عليه لخطورة وضعيته. 


سألت الأخت إدارة التأمين الصحي عن بعض الإجراءات في تونس بما أنّها لا تملك مالا. فأجابتها إحدى السكرتارات أن كلّ شيء على ما يرام، وأنّ ممثل التأمين الصحي في تونس سيقوم بجميع الإجراءات اللازمة، وذلك الموال الّذي يعرفه مرضى موريتانيا في العالم. لم تعطي كنام للمرافق المبلغ المالي الّذي تعطيه لكل حالة رفع.

وصل الضحية واخته إلى تونس دون علم ممثل التأمين الصحي كعادته. أقام الطبيب دقفوس العملية الّتي بدأت من الثانية بعد الزوال إلى حدود منتصف الليل. قال الدكتور للأخت المرافقة قبل العملية أنّها معقّدة لأنّها في مكان ضيّق وأنّ حياة الضحية في خطر ولكنه سيقوم بعملية زرع باعتبار أن العصب المسئول عن الحركة بل الحياة قد تعرّض لإتلاف. جاء الأطباء فجر العملية بأوراق وقعتها المرافقة بأنّها تقبل إجراء العملية، ولكنّ الأخت وقعت الأوراق ظنّا منها أنّها إجراءات الأكل الّتي توقعها يوميا (لووول). بعد يومين من العملية بدأت الحياة تدب في ذلك الجسم الهامد زهاء شهر ونيف وبعد أسبوع أصبح يقف على ساقيه، لله الحمد والشكر، بعد أن أصيب بالشلل في جانبه الأسر إثر عملية شيّاخ وآخرون. قال الطبيب دقفوس بعد أن امتثل الضحية للشفاء أنّه ينبغي أن يخضع للعلاج الطبيعي مدّة 9 أشهر وأنّ من أجرى له العملية في موريتانيا ينبغي أن يحاكم. أشار الطبيب أثناء خروج الضحية من المصحة أنّه لا ينبغي أن يخرج من المستشفى ولا ينبغي أن يقيم فيه أيضا ولكن خروجه منه له فوائد جمّة باعتبار انّ عزله عن المجتمع ليس في صالحه بما انّه شاب يافع. وأمره أن يقوم بالعلاج الطبيعي بعد كلّ ثلاثة أيام.

 بعد بضعة أيام من العملية أخرجت إدارة مصحة المنار الأخت المرافقة بعد صلاة المغرب مباشرة. حاولت الأخت شرح قضيتها لديدي ممثل كنام في الهاتف فقال لها أنّ الأمر لا يعنيه وانّها تتصرف وتسدّد الديون الّتي تستحقها المصحة. أما عابدين فلم تجده منذ قدومها إلى تونس إلا يوما واحد وقال لها أنّه ليس على علم بقدومها كعادته. خرجت الأخت إلى الشارع تندب حظّها لا تعرف أين تلوذ ولا إلى من تشكي حتّى لفتت انتباه امرأة موريتانية تدعى لمانة ألحّت عليها بالأسئلة فقصت عليها القصة. ما أثار حفيظة الأخت الطريدة أنّه في تلك الأيام لا يزال الضحية في حالة خطرة لا تسمح ببقائه وحيدا. تكلّمت المرأة مع ممثل كنام وخاطبها بكلمات نابية وصفها من خلالها بعدم الاحترام. (عجب، كلّ إناء بما فيه يرشح). اقترحت عليها المرأة أن تبيت في منزلها حتّى يفرّج الله كربتها، وأصبحت الأخت تبيت ليلتها مع تلك المرأة وتقضي نهارها بجانب أخيها. ذهبت المرأة وأوصت بالأخت الطريدة إلى صديقتها فقبلت.بها


عندما استقرّت حالة الأخت بعد 18 يوما من قدومها إلى تونس، بدأت مشكلة جديدة مفادها أنّ الضحية ينبغي أن يخرج من المستشفى كما ذكرنا سابقا وأصبحا في رعاية تلك المرأة. وقال لها الطبيب أن ترجع به بعد ثلاثة أيام من أجل أن يقوم الضحية بالعلاج الطبيعي الّذي يكلّف 32 دينارا في كلّ حصّة علاجية ينبغي على الأخت تسديدها نقدا كلّ يوم. إذ ينبغي أن ترسل كنام ورقة تثبت انّها تتكفّل بعلاجه الطبيعي مدّة 9 أشهر وإلاّ لن يستكمل الضحية علاجه. اتصلت الطريدة بديدي الّذي يذكّرنا بشياخ في الدور الّذي قام به من محاولات تعطيلية معتبرا أنّ خدمة كنام فرضتها عليه وزارة الدفاع وأنّه جاء إلى تونس من أجل العلاج. وقال لها أنّه سيرسل الملف إلى كنام في نواكشوط وأنّ ذلك هو ما يستطيع. ثمّ أضاف شيئا لم تنتظره منه الأخت الطريدة مفاده أنّ المقبوض عليهم في السجن ليسوا هم الجناة، فاستفسرت فحاول أن يغيّر الموضوع معتبرا أنّ الأمر لا يعنيه. يبدو أنّ ديدي على علم بالقضية الّتي أصبح بعض الأطراف فيها يريدون إرجاع الضحية إلى نواكشوط باعتبار أنّ الملفّ قد أغلق إلى حين عودة الضحية من تونس، إذ يبدو أنّهم لا يستطيعون انتظار 9 أشهر أخرى زيدت من أجل العلاج الطبيعي. وبدأ ديدي يقول لها إنّ العلاج الطبيعي يمكن أن يتلقّاه في نواكشوط وموال من النفاق لا يمكن أن يصدّقه المجانين. عندما تاكّد الأخت أنها يجب أن تقوم بتسديد حقوق حصص العلاج الطبيعي، ذهبت إلى مدام كافي صحبت أحد الموريتانيين فتحمّلت مدام كافي تكاليف الحصّة الأولى مشكورة بعد أن عرفت تفاصيل القضية. وبعد أن تعطّل العلاج الطبيعي أسبوعا أصبح لزاما على الضحية أن يقوم به يوميا. حينها ارتات أن تبحث عن شغل مع العائلات الموريتانية المقيمة في تونس من أجل تسديد حصص العلاج، ولكن العائلات والطلاب وكلّ من علم بالقضية من الموريتانيين حاولوا مساعدتها كلّ على طريقته.


اتصلت الأخت بالسفارة الموريتانية بتونس (وصل ماه الفرج) فاعتنى بها نائب السفير أو القائم بالأعمال الدّده، وطلب التقرير من مصحة المنار وأرسله إلى الرئاسة عبر السلّم الإداري. واتصل بمستشار الرئيس ولد احمد الدامة الّذي كان عضوا فاعلا في هذه القضية فلولاه ما تمّ انقاذ حياة الضحية بقدرة الله. تدخل المستشار ولكن إدارة التامين الصحي وافقت يوم 14 يونيو على 10 حصص من 180 حصة، وهو أمر غريب غرابة الأوضاع الّتي سردناها في بداية القصة باعتبار أنّ مدام كافي قد ارتأت على الأخت المرافقة أن باقي الحصص يمكن ان يقوم يها في موريتانيا وهو ما أشار إليه ديدي عندما تمّ إخراج المجني عليه مرّة أخرى ولكن هذه المرة في تونس دون أن يكون خروجه يعرضه للخطر. وهذا يؤكّد أنّ القضية لا تزال غامضة باعتبار الاتفاق بين مدام كافي وديدي على تسريح الضحية إلى موريتانيا رغم أنّه لم يكمل حتّى الثلث الأوّل من حصص العلاج الطبيعي وذلك ما يتخالف مع الأدبيات الطبية باعتبار أنّ طبيبه ينبغي أن يتابع تحسنه وقبول بدنه للعلاج الطبيعي بما أنّ يده لا تزال مشلولة.

أشار المستشار الحنون إلى الأخت أنّ الدولة ستقوم بمساعدتها ماديا من أجل تغطية تكاليف العلاج والمعاش والسكن. وأكّد لها أنّ الدولة سترسل لها المساعدة يوم الأحد 16 يونيو أو يوم 17. ولا تزال الأخت تنتظر في الغرفة الّتي لولى المستشار لما وجدت الغرفة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


الحقوق محفوظة لمدونة الحروف ©2013-2014 | اتصل بنا | الخصوصية